لا مانع من تشجيع الناس بالجوائز المالية على أداء الطاعات، واجتناب المنهيات، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشجع على الجهاد في ساحات المعارك بأن من قتل قتيلا فله ما وجده معه من متاع تشجيعا للمسلمين على الجهاد وهو من أجل الطاعات والعبادات، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم سهما من أموال الزكاة لمن يؤلف قلوبهم على الطاعة والإيمان حتى إذا تمكن الإيمان من قلوبهم أقبلوا إليه رغبا وطمعا فيما عند الله، ثم على من يفعل ذلك أن يتعاهد من يشجعه بتعليمه الإخلاص حين يلامس الإيمان شغاف قلبه، وعلى الشخص الذي يأخذ هذا المال أن يخلص نيته لله وهو يؤدي الطاعة.

يقول أهل العلم والذي يظهر أنه لا بأس في هذا الفعل ، وقد أوجب الله تعالى على عباده أفعالاً ، ووعدهم على فعلها الثواب الجزيل في الدنيا ، ترغيباً لهم في فعلها ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق / 2-3 .

وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) رواه البخاري ومسلم . ومعنى ” يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ” أي : يؤخر أجله .
ومن باب التشجيع على الأفعال أذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن قتل قتيلاً من الكفار في أرض المعركة أن يأخذ سلَبه .
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – عام حنين – : ” من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلَبه ” .
رواه البخاري ومسلم.
والسَّلَب : هو ما يوجد مع المحارب من مال ومتاع ولباس وسلاح .
وأجاز العلماء وضع جائزة لحفظ سورٍ من القرآن أو أحاديث من السنة أو لحل مسابقة علمية.

سئل علماء اللجنة الدائمة :

ما الحكم في أخذ جوائز في مسابقة لحفظ القرآن ؟
فأجابوا :

لا حرج في ذلك ، ولا فرق بين الرجال والنساء في هذا الأمر

هذا بالنسبة للدافع وللعارض : وهو جواز عرض وإعطاء مال لمن يطلق لحيته أو ما يشبهه من التزام شيء من أحكام الشرع .

أما بالنسبة للآخذ : فإن كان قد أطلق لحيته لأجل هذه الجائزة : فلا أجر له على هذا الفعل ، إلا أن تكون هذه الجائزة دافعاً له لتطبيق ما أمره الله تعالى به ، أو أنه بدأ من أجل الجائزة ثم غَيَّر نيتَه بعد فعله هذا والتزامه : فهو مأجور على ما سلمت فيه النية ، ولا يضره أنه فعل ذلك ابتداء من أجل الجائزة .

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ : أَيْ قَوْمِ ، أَسْلِمُوا ، فَو َاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِي عَطَاءً ، مَا يَخَافُ الْفَقْرَ .

فَقَالَ أَنَسٌ : إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلا الدُّنْيَا فَمَا يُسْلِمُ حَتَّى يَكُونَ الإِسْلامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا . رواه مسلم .

قال النووي :-
هكذا هو في معظم النسخ : ” فما يسلم ” , وفي بعضها ” فما يمسي ” , وكلاهما صحيح , ومعنى الأول : فما يلبث بعد إسلامه إلا يسيراً حتى يكون الإسلام أحب إليه , والمراد : أنه يُظهر الإسلام أولا للدنيا , لا بقصد صحيح بقلبه , ثم من بركة النبي صلى الله عليه وسلم ونور الإسلام لم يلبث إلا قليلا حتى ينشرح صدره بحقيقة الإيمان , ويتمكن من قلبه , فيكون حينئذ أحب إليه من الدنيا وما فيها.