إن الأوراق ” البنكنوت ” تقوم مقام الذهب من حيث النقدية، ومن حيث المعاملة، فلا فرق بين ذهب وفضة، وبين ورق، أصبح الآن هو الذي يرى، الناس لم يعودوا يرون الذهب قط في المعاملات، ولا يرون الفضة إلا في الأمور التافهة، وأصبح هذا الورق هو العملة السائدة المنتشرة في العالم كله، فكيف نعطل حكم الربا من أجل أن الناس يتعاملون بورق ولا يتعاملون بذهب وفضة ؟ ؟
إن هذه الأوراق، من يملكها يعد في نظر الناس غنيًا، يجب عليه ما يجب على الأغنياء من الزكاة، ولا يجوز في نظر أحد أن يدفع له من مال الزكاة لاعتباره فقيرًا لا يملك ذهبًا ولا فضة، ولو قال أحد الناس ذلك لعدوه مهووسًا أو مجنونًا، هذه الأوراق يدفعها الرجل مهرًا، فإذا هو يستحل بها الفرج، لأنها مال، ويدفعها الرجل ثمنًا للسلعة، فإذا هو يستحل بها المبيع، ويدفعها الرجل أجرة للشيء المستأجر، فيستحل الانتفاع بالعين المستأجرة ويدفعها الرجل دية، إذا قتل خطأ، فيعوض عن دم القتيل وهكذا . . .
كل المعاملات تجرى بهذه الأوراق، فهي تقوم تمامًا مقام الذهب والفضة، ولا يمكن أن يشك أحد في ذلك . . . وإلا ما رضي الإنسان بأن يأخذ هذه الأوراق دية عن مقتول ولا أن يأخذها مهرًا عن ابنته، ولا أن يأخذها ثمنًا لسلعة، أو أجرة لدار أو نحو ذلك، وإنما يراها الناس نقودًا، فإنها أصبحت نقودًا بالتعامل، وباعتماد السلطات الشرعية إياها، فأصبح لها قوة الذهب وقوة الفضة، فلا نرى أي مبرر أو مسوغ للتشكك في ذلك، أو التشكيك فيه، فمن أخذ فائدة على هذه الأوراق، أو أعطى فائدة فقد دخل في حكم الربا الحرام قطعًا، وأذن بحرب من الله ورسوله، وكل من اشترك في هذا العقد الربوي، فهو ملعون على لسان محمد – ﷺ – الذي لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه.