إن كانت العدوى مُحققة أو يغلب على الظن حصولها كان هذا المرض مُسقطًا لوجوب الحج عن المريض حتى يبرأ من مرضه؛ لأن القاعدة الفقهية تقول: درءُ المفاسد مُقدم على جلْب المصالح. وبخاصة أن المصلحة في الحج تعود على الشخص نفسه أكثر مما تعود على غيره، أما المفسدة فتصيب كثيرين غيره، ومع سقوط الحج عنه نرى أن مخاطرته بالسفر على الرغم من الظن الغالب للعدوى ممنوعة، إما على سبيل الكراهة أو التحريم تبعًا لدرجة احتمال العدوى، والأحاديث تُحذِّر من التعرض للعدوى والتسبب فيه. روى مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل مجذوم جاء يبايعه: “ارجع فقد بايعناك”، وقال كما رواه البخاري: “فِر من المجذوم فرارك من الأسد”.

ومن أجل النهي عن الضرر والضِرار حرَّم الإسلام على حامل ميكروب المرض أن يخالط الأصحاء، أو يتسبب في الإصابة بالمرض بطريق مباشر أو غير مباشر؛ ولذلك حرَّم البصاق في الطريق والأماكن العامة، وحرَّم التبول والتبرز في موارد المياه ومواقع الظل وكل ما يرتاده الناس، وأمر بإبادة الحشرات والهوام وكل ما يؤذي حتى لو كان أثناء الإحرام.

ومما يؤثر ما رواه مالك أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رأى امرأة مجذومة تطوف بالبيت فقال لها: يا أمة الله لا تؤذي الناس، لو جلست في بيتك! ففعلت، ولم تشأ أن تخرج بعد موت عمر وقالت: ما كنت لأطيعه حيًّا وأعصيه ميتًا.