العقوبة تكون على الذنوب والمعاصي وسائر المخالفات الصغيرة منها والكبيرة، بينما البلاء ليس شرطا فيه الذنب أو الإثم .
والبلاء يقع للعاصي والطائع لقوله تعالي :”ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين “، وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل؛ يبتلي الرجل على قدر دينه ؛ بينما العقوبة لاتقع الا للمسئ قال تعالى :”من يعمل سوءًا يجز به”، وقال تعالى: “وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير
وثالثة في الفرق بينهما :أن العقوبة تكون تكفيرًا للسيئات ومحوًا للخطابا، بينما البلاء يكون رفعًا للدرجات وسببا لبلوغ منازل الأبرار والصديقين.
والبلاء أعم من العقاب والعقوبة أخص، فبينهما عموم وخصوص؛ قال تعالى :”ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون” فسماه الله تعالى بلاء . وجاء في دعاء العباس لما استسقى به عمر قال، اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة.
والذين يحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا قد يرزقهم الله تعالى الفطنة ويؤتيهم الفرقان بينهما، فيصبر عند الكل ؛قال ابن سيرين عيرت رجلا بالإفلاس فافلست؛ وقال آخر عبت شخصا قد ذهبت بعض أسنانه ففقدت أسناني ونظرت إلى امرأة لاتحل لي فنظر إلى زوجتي من لا أريد ؛وغضب الخليفة المقتفي على وزيره وأمر بأن يؤخذ منه عشرة آلاف دينار فدخل عليه أهله محزونين وقالوا له: من أين لك عشرة الاف دينار فقال: ما يؤخذ مني عشرة ولا خمسة ولا أربعة قالوا من أين لك؟ قال : إني ظلمت رجلا في ولايتي، فالزمته ثلاثة آلاف، فما يؤخذ مني غيرها، فلما أدى ثلاثة آلاف دينار أمرالخليفة باطلاق سراحه ومسامحته في الباقي.