الزيادة في الثمن مقابل التسهيل في الدفع يعرف ببيع التقسيط وهو أمر جائز شرعا، وهو ما ذهبت إليه المذاهب الأربعة، وما كان الإسلام ليمنع من عقد فيه منفعة للناس، وليس فيه ضرر عليهم، كما أن جواز هذا العقد يتمشى مع ما تقرره العقول، وتؤيده النظريات الاقتصادية من أن للزمن أثره على النقود بشرط أن يكون ذلك في ظل معاملة ليس فيها محظور شرعي، ومن الشروط المهمة لجواز هذا البيع أن يتفق الطرفان عند العقد على مدة التأجيل، وكيفية السداد، والثمن الإجمالي.

وعلى أية حال ، فالبيع نقدا بسعر ، والبيع تقسيطا بسعر آخر جائز ، بشرط أن يتفق على أحد الأسلوبين في بداية العقد، ولا يترك للطرفين معا أو أحدهما حرية الاختيار بعد العقد، بحيث يعدله إذا أحب…فهذا لا يجوز.

وهذه الشروط الواجب توافرها في عقد التقسيط حتى لا يكون فاسدا كما ذكرها الشيخ سليمان بن تُركي التُركي في كتابه بيع التقسيط وأحكامه.

أولاً : بيع التقسيط هو ( عقد على مبيع حال، بثمن مؤجل، يؤدَى مفرقاً على أجزاء معلومة، في أوقات معلومة ) وبين التقسيط والتأجيل علاقة عموم وخصوص مطلق ، فكل تقسيط تأجيل ، وقد يكون التأجيل تقسيطاً وقد لا يكون ، فالتأجيل هو الأعم مطلقاً .

ثانياً: يشترط لبيع التقسيط – فوق الشروط العامة للبيع – جملة من الشروط . هي كالتالي :

الشرط الأول : أن لا يكون بيع التقسيط ذريعة إلى الربا . وأبرز الصور التي يتحقق فيها التذرع بالتقسيط إلى الربا : بيع العينة.

الشرط الثاني : أن يكون البائع مالكاً للسلعة . فلا يجوز أن يقدِم البائع على بيع سلعة ليست مملوكة له ، على نية أنه إذا أتم العقد مع المشتري ، اشتراها وسلمها بعد ذلك .
أما طلب شراء السلعة من شخص ليست عنده ليقوم بتملكها ومن ثم بيعها على طالبها بربح ، فجائز إن كان المأمور يشتري لنفسه ويتملك ملكاً حقيقياً ، ومن غير إلزام للآمر بتنفيذ ما وعد به من شراء السلعة.

الشرط الثالث : أن تكون السلعة مقبوضة للبائع .فلا يكفي تملك البائع للسلعة التي يرغب في بيعها بالتقسيط ، بل لا بد من قبض السلعة المراد بيعها بالتقسيط القبض المعتبر لمثلها قبل التصرف فيها بالبيع ، أياً كانت تلك السلعة طعاماً أو غيره.

الشرط الرابع: أن يكون العوضان- أي الثمن والسلعة- مما لا يجري بينهما ربا النسيئة . وذلك للتلازم بين بيع التقسيط وبين الأجل الموجب لانتفاء الاشتراك في علة الربا.

الشرط الخامس: أن يكون الثمن في بيع التقسيط ديناً لا عيناً . لأن الثمن في بيع التقسيط لا يكون إلا مؤجلاً ، والأجل لا يصح دخوله إلا على الديون التي تقبل الثبوت في الذمة ، دون الأعيان.

الشرط السادس : أن تكون السلعة المبيعة حالة لا مؤجلة . لأن المبيع إذا أجل–مع أن الثمن مؤجل أصلاً – فقد تحقق كون ذلك من بيع الكالئ بالكالئ . وهو منهي عنه.

الشرط السابع : أن يكون الأجل معلوماً . فلا بد من بيان عدد الأقساط ، ووقت أداء كل قسط ، ومدة التقسيط كاملة ، يحدد هذا تحديداً منضبطاً لا يحصل معه نزاع بين الطرفين.

الشرط الثامن : أن يكون بيع التقسيط منجزاً . فلا يصح تعليق عقد البيع على أداء جميع الأقساط ، بل لا بد أن يتم البيع بصورة منجزة ، تترتب عليه جميع الآثار المترتبة على عقد البيع فور صدوره.

ثالثاً: تجوز زيادة الثمن المؤجل عن الثمن الحال في بيع التقسيط ، في قول جماهير أهل العلم من السلف والخلف ، من غير مخالف يعتد بخلافه . بل قد حكى بعض أهل العلم الإجماع على جواز أن الثمن المؤجل أزيد من الثمن الحال. ومع ذلك فقد وجد من شذ في هذه المسألة ، ورأى تحريم زيادة الثمن المؤجل عن الثمن الحال ، لاشتباه هذه الزيادة عليه بالربا . تبين من خلال البحث شذوذ هذا الرأي وضعف أدلته .

رابعاً: يجوز الحط من الدين المؤجل مقابل تعجيل الأداء . فيسوغ لمن أدى الأقساط قبل زمن حلولها أن يطالب بالحط عنه من الثمن بقدر ما زيد أصلاً مقابل تلك المدة الملغاة.

تجوز زيادة الثمن المؤجل عن الثمن الحال في بيع التقسيط ، في قول جماهير أهل العلم من السلف والخلف ، من غير مخالف يعتد بخلافه . بل قد حكى بعض أهل العلم الإجماع على جواز أن الثمن المؤجل أزيد من الثمن الحال. ومع ذلك فقد وجد من شذ في هذه المسألة ، ورأى تحريم زيادة الثمن المؤجل عن الثمن الحال ، لاشتباه هذه الزيادة عليه بالربا . وقد تبين من خلال البحث شذوذ هذا الرأي وضعف أدلته .

خامساً: لا يجوز إلزام البائع بقبول الأقساط المعجلة ، التي سوف يترتب على قبوله لها حط من الثمن ؛ لأن في ذلك إضرارا به ، فهو لم يقصد من البيع بالتقسيط إلا هذه المصلحة ، والأجل حق لهما فلا يستبد أحدهما بإسقاطه.

سادساً: يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حل من أقساط ، ومع ذلك فلا يجوز فرض تعويض مالي على المدين المماطل مقابل تأخير أداء الدين.

سابعاً: يجوز اشتراط حلول بقية الأقساط بتأخر المدين الموسر في أداء بعضها .

ثامناً :لا يجوز أن يتم العقد في بيع التقسيط على عدة آجال لكل أجل ثمنه ، كأن يتم التعاقد على بيع سيارة إلى سنة بمائة ألف ، وإلى سنتين بمائة وعشرين ، وإلى ثلاث بمائة وثلاثين . بل لا بد أن يكون الثمن والأجل واحداً باتاً من أول العقد .

تاسعاً : لا يجوز للبائع المطالبة بالثمن قبل حلول الأجل ، كما لا يعد المشتري مماطلاً لو امتنع من أداء الأقساط قبل حلولها . ولا حق للبائع في المطالبة إلا بانقضاء الأجل وبلوغ غايته ، أو باتفاق المتعاقدين على إسقاطه .

عاشراً: إذا مات المشتري بالتقسيط قبل أداء جميع الثمن فإن ديونه لا تحل بموته ، إذا وثق الورثة ذلك الدين برهن أو كفيل . فإن حل الدين لعدم توثيقه فلا بد من الحط منه بمقدار ما زيد فيه للمدة الباقية التي عجلت أقساطها .

حادي عشر: لا تحل الديون المؤجلة والأقساط المتبقية لإفلاس المشتري ، وإنما يقسم مال المفلس بين أصحاب الديون الحالة ، وتبقى الديون المؤجلة في ذمة المدين إلى وقت حلولها .

ثاني عشر : تنتقل ملكية المبيع للمشتري ، وملكية الثمن للبائع فور صدور عقد بيع التقسيط ، وبناء عليه فلا يجوز للبائع حبس السلعة لاستيفاء ثمنها المؤجل ، ولو اشترط البائع ذلك فإن العقد يكون فاسداً .

ثالث عشر: إذا أفلس المشتري وفي يده عين مال ثمنها مؤجل ، فالبائع أحق بسلعته من بقية غرماء المشتري أصحاب الديون الحالة ، فتوقف السلعة المبيعة إلى حلول الدين وانقضاء الأجل ويخير البائع- إن استمر الحجر حينئذ- بين أخذ السلعة ، أو تركها ومحاصة الغرماء . كل ذلك بشرط أن لا يكون البائع قد قبض من ثمن السلعة شيئاً ، وأن يكون المشتري حياً .

رابع عشر: يجوز للبائع اشتراط رهن المبيع على ثمنه – رهناً حيازياً أو رسمياً – ، لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة .

خامس عشر: لا يجوز اشتراط كون المواعدة السابقة لعقد البيع بالتقسيط ملزمة للطرفين ؛ لأن الإلزام بالوعد يصيره عقداً ، ولأن الإلزام السابق يجعل العقد اللاحق عن غير تراضٍ.