اختلف الفقهاء في بول الغلام وبول الأنثى إذا لم يطعما، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل، وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يغسل من بول الغلام وبول الأنثى على السواء لحديث “استنزهوا من البول”.
والراجح هو القول الأول، لأن الحديث الذي استدل به الحنفية والمالكية اتفق الحفاظ على ضعفه فضلا عن أنه لا يعارض الأحاديث التي نصت على نضح بول الغلام وغسل بول الأنثى لأنها خاصة وهذا الحديث عام.
أما إذا طعما فلا خلاف في غسل البول الذكر والأنثى على السواء.
جاء في كتاب نيل الأوطار للشوكاني:
( عن أم قيس بنت محصن { أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه عليه ولم يغسله } . رواه الجماعة.
( وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { بول الغلام الرضيع ينضح وبول الجارية يغسل } قال قتادة : وهذا ما لم يطعما فإذا طعما غسلا جميعا . رواه أحمد والترمذي وقال : حديث حسن ) .
( وعن عائشة قالت : { أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي يحنكه فبال عليه فأتبعه الماء } رواه البخاري وكذلك أحمد وابن ماجه وزاد : ولم يغسله . ولمسلم { كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتي بصبي فبال عليه , فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله } ) ( وعن أبي السمح خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: { يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام } . رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ) . (وعن أم كرز الخزاعية قالت: { أتي النبي صلى الله عليه وسلم بغلام فبال عليه فأمر به فنضح , وأتي بجارية فبالت عليه فأمر به فغسل } . رواه أحمد ) .
( وعن أم كرز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل } . رواه ابن ماجه ) .
( وعن أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت : { بال الحسين بن علي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله أعطني ثوبك والبس ثوبا غيره حتى أغسله فقال : إنما ينضح من بول الذكر ويغسل من بول الأنثى } . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وقد استدل بأحاديث الباب على أن بول الصبي يخالف بول الصبية في كيفية استعمال الماء , وأن مجرد النضح يكفي في تطهير بول الغلام , وقد اختلف الناس في ذلك على ثلاثة مذاهب:

الأول : الاكتفاء بالنضح في بول الصبي لا الجارية , وهو قول علي رضي الله عنه وعطاء والزهري وأحمد وإسحاق وابن وهب وغيرهم، وروي عن مالك وقال أصحابه: هي رواية شاذة، ورواه ابن حزم أيضا عن أم سلمة والثوري والأوزاعي والنخعي وداود وابن وهب .

والثاني: يكفي النضح فيهما وهو مذهب الأوزاعي وحكي عن مالك والشافعي.

والثالث : هما سواء في وجوب الغسل وهو مذهب العترة والحنفية وسائر الكوفيين والمالكية.

وقوله: ( يأكل الطعام ) المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرضعه والتمر الذي يحنك به , والعسل الذي يلعقه للمداواة، وغير ذلك. وقيل: المراد بالطعام ما عدا اللبن فقط ذكر الأول النووي في شرح مسلم وشرح المهذب وأطلق في الروضة تبعا لأصلها الثاني , وقال في نكت التنبيه : إن لم يأكل غير اللبن وغير ما يحنك به وما أشبهه , وقيل : لم يأكل : أي لم يستقل بجعل الطعام في فيه , ذكره الموفق الحموي في شرح التنبيه . قال الحافظ ابن حجر : والأول أظهر وبه جزم الموفق ابن قدامة وغيره، وقال ابن التين: يحتمل أنها أرادت أنه لم يتقوت بالطعام ولم يستغن به عن الرضاع.

وأحاديث الباب ترد المذهب الثاني والثالث , وقد استدل في البحر لأهل المذهب الثالث بحديث عمار المشهور وفيه { إنما تغسل ثوبك من البول } . . . إلخ , وهو مع اتفاق الحفاظ على ضعفه لا يعارض أحاديث الباب لأنها خاصة وهو عام , وبناء العام على الخاص واجب) .

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
بول الأنثى الرضيعة التي لم تأكل الطعام : يختلف الحكم في إزالة نجاسة بول الأنثى الرضيعة التي لم تأكل الطعام عن بول الذكر الرضيع الذي لم يأكل الطعام , وذلك عند الشافعية والحنابلة . فيجزئ عندهم في التطهير من بول الغلام نضحه بالماء ( أي أن يرشه بالماء ) ولا يكفي ذلك في إزالة بول الأنثى , بل لا بد من غسله كغيره من النجاسات , وذلك لحديث { أم قيس بن محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره , فبال على ثوبه , فدعا بماء فنضحه ولم يغسله} . متفق عليه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إنما يغسل من بول الأنثى , وينضح من بول الذكر } . أما الحنفية والمالكية فلا يفرقون بينهما فيغسل ما أصابه بول كل من الصبي أو الصيبة لنجاسته ; لإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم : {استنزهوا من البول} .
وكل ما ذكر من اتفاق واختلاف بين الفقهاء في بول الصغير والصغيرة ; ينطبق تماما على قيء الصغير والصغيرة.)