يقول الله تعالى على لسان هدهد سليمان (وجئتُك من سبأ بنبإٍ يقين . إني وجدتُ امرأةً تملكهُمْ وأُوتيتْ مِنْ كلِّ شيءٍ ولها عَرْشٌ عَظيم) (سورة النمل : 22، 23) .
يقول القرطبي في تفسيره لهذه الآية: المرأة هي بلقيس بنت شراحيل.
ثم قال : ويُروى أن أحد أبويها كان من الجن . قال ابن العربي : وهذا أمر تُنكره المُلحدة ويقولون : الجن لا يأكلون ولا يلدون، كذبوا، فذلك صحيح ونكاحهم جائز عقلاً، فإن صح نقلاً فبها ونعمت .
وذكر القرطبي حديث مسلم في أنهم يأكلون، عندما قدم وفد من الجن على النبي ﷺ ، وقال : “لكم كلُّ عظمٍ ذُكرَ اسم الله عليه يقع أيديكم أوفر ما يكون لحمًا” ، كما جاء في البخاري أن العظم من طعام الجن.
كما قال القرطبي إن نكاحهم مذكور عند تفسير قوله تعالى في سورة الإسراء: (وشارِكْهُمْ في الأموالِ والأولادِ) .
وقال القرطبي، كانت أم بلقيس من الجن يقال لها “بلعمة بنت سيصان” ، وذكر نسبها إلى سام بن نوح ، وأن أباها واسمه “السرح” تكبَّر على الملوك ، ولم يتزوج منهم فزوَّجوه امرأة من الجن يقال لها “ريحانة بنت السكن” ، فولدت له “بلقمة” وهي بلقيس .
وذكر عن أبي هريرة أن النبي ـ ﷺ ـ قال : ” كانأحد أبوي بلقيس جنيًا “، وهو حديث منكر ، ولما مات أبوها تملك رجل فاجر فتزوجته بلقيس وقتلته وهو سكران فنصَّبوها ملِكة عليهم ، وذكر كلامًا آخر يؤكد أن أباها تزوَّج جِنيَّة ولدتها.
ثم قال إن الماوردي قال : والقول بأن أم بلقيس جِنيَّة مُستنكَر من العقول لتباين الجنسين واختلاف الطبيعتين … ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف، وقال القرطبي إن التزاوج لا يحيله العقل مع ما جاء في الخبر وأشار إلى أدلة ذلك من أرادها فليراجعه.