الانتحار حرامٌ، لعموم قوله تعالى في تحريم قتل النفس: ( ولا تَقْتُلوا أَنفسَكم إنَّ اللهَ كانَ بكمْ رحيماً ) النساء 29 ، والانتحار من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله تعالى ويقع على فاعله وزْرٌ أعظم من وزر الذي يقتل غيره دون حقٍّ حتى قال بعض الفقهاء فيه : المنتحر لا يُغَسَّل ولا يصلَّى عليه ، وقيل لا تُقبل توبتُهُ تغليظاً عليه، ويدلُّ ظاهرُ بعض الأحاديث على خلود المنتحر في النار ، ومنها قول النبيِّ – ﷺ – : ( مَنْ تَرَدَّى من جبلٍ فقتلَ نفسَهُ فهو في نارِ جهنَّم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَنْ تَحَسَّى سُمَّاً فَقَتَلَ نفسَه فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نـار جَهَنَّمَ خالداً مُخَلَّداً فيها أبداً ، ومَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بحديدةٍ فحديدَتُهُ في يَدِهِ يَجَأ بها في بَطْنِهِ في نار جَهَنَّمَ خالداً مُخَلَّداً فيها أبداً ) متفق عليه.أهـ
وأما إذا انتحرت المسلمة لتعرضها للاغتصاب فقد قامت بفعل محرم فالمفسدة المترتبة على الانتحار تكون متحققة لكن مفسدة الاغتصاب من كحدوث حمل غير متيقنة، وبالموازنة بين مفسدة الانتحار ومفسدة الاغتصاب فإن تحمل المفسدة الثانية أو الضرر الثاني أخف من الضرر الأول لأن المحافظة على النفس من الضروريات الخمس بينما المحافظة على العرض وما دون النفس من الحاجيات لذا فلا يجوز للمرأة أن تقتل نفسها.
لكن إذا تعرضت المرأة للاغتصاب فعليها أن تقاوم من جاءها وتدفع عن نفسها حتى لو أدى هذا إلى قتلها أو قتل هذا الصائل، وقد ثبت أن المدافع عن عرضه حتى الموت في مقام الشهداء، ولو هي قاومت واستفرغت جهدها في المقاومة ثم نال منها هذا المغتصب فإنه لا إثم عليها حينئذ لأنها مكرهة، وقد رفع الله عن هذه الأمة ما استكرهوا عليه ، ولكن لا يجوز لها أن تنتحر بيدها؛ لأن الانتحار كبيرة من الكبائر تكون قد أوقعت نفسها فيها، وهي إن لم يجز لها قتل نفسها قبل الاغتصاب أو أثنائه فمن باب أولى بعده.
يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس ـ من علماء الأزهر:
لا يحل للمرأة أن تنتحر؛ لأن قتل النفس من الكبائر، ولكن بوسعها أن تدافع عن نفسها بقدر الاستطاعة، ولو أنشبت أظفارها في وجهه[أي: المغتصب]أو فقأت عينه أو نحو هذا من أساليب الدفاع عن النفس، وإذا قتلت وهي تدافع عن نفسها وعن عرضها أو نفس غيرها أو عرضه فهي شهيدة، فقد قال رسول الله ﷺ: “من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد.