الهبة في مرض الموت ليست هبة، ولكنها تأخذ حكم الوصية، وإذا كانت لوارث فهي باطلة، إلا إذا رضي بها باقي الورثة وأقروها فإنها تكون عطية منهم لا من الميت؛ لقول النبي ﷺ: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.
جاء في كتاب المغني لابن قدامة: (… عطيته في مرض موته لبعض ورثته لا تنفذ؛ لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية في أنها تعتبر من الثلث إذا كان لأجنبي إجماعاً، فكذلك لا تنفذ في حق الورثة، قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا، هذا مذهب المديني والشافعي والكوفي). انتهى.
ويقول سماحة الدكتور عبد الله بن بيه :
الأَصل أَن الإِنسان إِذا كان في مرض الموت، لا يجوز له أَن يَهَبَ شيئاً من ماله؛ لأَنه أصبح في حالة من الحَجرِ عند كثير من العلماء. بالإضافة إلى ذلك؛ فإنه لا يجوز له أَن يُؤثِرَ بعض الورثة على الآخرين.
ومع ذلك؛ فيجوز له أَن يطلب من الورثه أَن يهَبوا جزءاً من الميراث للورثة الضِّعاف. فالسبِيل الصحِيح فِي هذا أَن يَستَرضِيَ الآخرين، وأَن يطلب منهم أَن يتخلوا عن بعض نصيبهم للورثة الضِّعاف. فإذا هم فعَلوا ذلك بعد موته فقد برُّوا وقد أصابوا. وإذا هم لم يفعلوا فلا حرج عليهم في ذلِك لأن تلك الهبة ليست ملزمة ما دامت لم تُحَزْ ـ إلا عند مالك الذي يَقول بلزومها وأَنه يجوز لهم أَن يَقوموا عَلَيهِم بدعوى لِتحصيل تلك الهبَة التي وهَبوها لهم ـ لأَنها هِبة كانت معلقة بموته، وبِالتالي فَإنَّها لَيسَت لازِمَةً إلا إذا أَحَب الورَثة بعد الموت إمضاء ذلك التَّعَهُّدَ فذلك هو الأَولى والأَفضَل.