الصوم في النصف الثاني من شعبان مسألة اختلف فيها الفقهاء والذي عليه جمهور الفقهاء هو:
أنه يجوز الصوم، وسبب اختلافهم الحديث الذي رواه أبو هريرة –رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: “إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان” أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم.
وقد أخذ بهذا الحديث الشافعية وبعض الحنابلة فقالوا: لا يصام بعد النصف من شعبان، إلا لمن كان له عادة بالصيام، كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً، ومن اعتاد أن يصوم الاثنين والخميس.
وهذا الحديث يعارض أحاديث كثيرة صحيحة دلت على أن شهر شعبان هو أكثر شهر صام فيه النبي ﷺ نافلة، منها:
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت :( ما رأيت رسول الله ﷺ استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان ) رواه البخاري ومسلم.
2- وفي رواية عن عائشة أيضاً قالت :( ولم أره صائماً من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلاً ) رواه البخاري ومسلم.
3- عن أسامة بن زيد قال: “قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” رواه أبو داود
والنسائي، وصححه ابن خزيمة.
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أنه كان يكثر الصوم في شهر شعبان، فكيف نوفق بين هذه الأحاديث وبين الحديث الذي رواه أصحاب السنن والذي ورد فيه النهي عن الصوم إذا انتصف شعبان؟
فيجاب عن ذلك من وجهين :
الأول: إن الحديث ضعيف ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة والأثرم والبيهقي وآخرون.
الثاني: إن صح فيحمل النهي في الحديث على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده، قاله الحافظ ابن حجر.
الخلاصة: الصوم في النصف الثاني من شعبان مسألة اختلف فيها الفقهاء، والذي عليه جمهور الفقهاء هو جواز الصوم.