معية الله تعالى لها معنيان :
-الأول : الحفظ والرعاية ، وهذا المعنى يخص الأنبياء والصالحين ، قال تعالى : ( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )، وقد تجلت واضحة للنبي ﷺ في الهجرة ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) .
-الثاني : العلم والإحاطة .وهذا المعنى يشمل جميع الخلق .
المقصود بمعية الله تعالى:
والمقصود بمعية الله تعالى في قوله: ( ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلا هو رابعهم …) الآية هو معية العلم والإحاطة ، بمعنى أن الله تعالى عليم بكل الأسرار والخفايا ، لا يخفى عليه من تناجى بعيدا عن الخلق ، وفى هذا توجيه إلى مراقبة الله تعالى في السر والعلانية ، لأنه مطلع على كل شيء وعلى كل أحد ، وفي كل حال ، وسيحاسب خلقه على أعمالهم.
قال الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ){المجادلة : 7 }:
قال تعالى مخبرا عن إحاطة علمه بخلقه واطلاعه عليهم وسماعه كلامهم ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا فقال تعالى ” ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة ” أي من سر ثلاثة” إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا” أي مطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم ، ورسله أيضا مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله وسمعه له ، كما قال تعالى ” ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب” وقال تعالى ” أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ” .
ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه الآية معية علمه تعالى، ولا شك في إرادة ذلك ولكن سمعه أيضا مع علمه بهم وبصره نافذ فيهم، فهو سبحانه وتعالى مطلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء، ثم قال تعالى ” ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ” ، قال الإمام أحمد : افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم .