التعامل مع الشركات الوسيطية في المضاربة على العملات في النت :
وبعض الشركات لا تشترط فوائد ربوية، ولكنها تشترط عمولة على كل حركة بيع وإذا فرض أنه لم يكن هناك فوائد، تبقى العمولات محل شبهة لأنها مشروطة في القرض فتكون من باب سلف وبيع. وهو منهي عنه شرعا.
وثمة مانع شرعي آخر في هذه النقطة وهو: أن السمسار يقدم القرض بالدولار لتمويل شراء عملات أجنبية، وهو لا يسلم الدولارات للعميل بل يودعها في حسابه لديه بشرط أن يشتري بها عملات أخرى، فيكون على أحسن الأحوال كما لو باعه العملة الأجنبية بدولارات مؤجلة، وهذا أيضاً ينافي شرط التقابض في الصرف.
ثم إن هذه المعاملة إذا كانت عن طريق النت فيضاف إليها أنه لا يجوز شراء العملات عن طريق النت لأن به إخلالا بالقواعد الحاكمة لبيع العملات، وبهذا خرج قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع للمنظمة.
وعليه فلا يجوز المضاربة في العملات من خلال النت، ,أما بقية المعادن فيجوز بشرط أن يكون في حدود مال المستثمر دون اقتراض من السمسار.
حكم الشراء بالهامش عن طريق البورصة :
الشراء بالهامش: شراء الورقة المالية بسداد جزء من قيمتها نقدًا، بينما يسدد الباقي بقرض، بشرط ضمان الأوراق محل الصفقة.
الحكم الشرعي:
وقد تتبعت صور الشراء بالهامش في البورصات فلم أجد إلا صورة واحدة هي الجائزة، وهي:
أن تكون الأسهم مملوكة للسمسار، وصورتها:
أن يقوم العميل بشراء الأسهم محل الصفقة من السمسار، وهذه الأسهم مملوكة له، وذلك بدفع 60 % من قيمتها نقدًا، والباقي مؤجلًا، ومن ثم يقوم السمسار برهن جميع الأسهم محل الصفقة، إلى أن يسدد العميل المبلغ المتبقي عليه.
وأما باقي الصور فهي محرمة؛ لاشتمالها على الربا.انتهى.
وقد ذكر الدكتور محمد بن سعود العصيمي – أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- شبها أخرى فقال :-
الأصل في التعامل ببيع وشراء العملات عن طريق الوسطاء الحل بالشروط الشرعية المعتبرة. ولكن، ما يجري في مثل تلك المواقع لا تنطبق عليه الشروط الشرعية. وهناك صور متعددة لتلك الأعمال، ولكنها لا تخلو من المحرمات في نظري. وأجمل الإجابة في نقاط.
1. قد يتم العمل بناء على ما يسمى ببيع الهامش (margin trading)، ويقوم فيه السمسار بإقراض العميل مبلغا من المال يوازي أضعافا محددة من المبلغ الأساس الذي وضعه العميل. وهذا محرم لأن القرض ربوي، ويشترط السمسار على العميل أن يتاجر بالعملات من خلاله، فقد استفاد السمسار من جراء القرض، وهذا محرم لأنه من القرض الذي جر نفعا.
2. إذا لم يكن البيع على طريقة الهامش، فإن من المعلوم من واقع كثير من الممارسات المعاصرة في بيع العملات أنها لا تتفق مع الضوابط الشرعية في القبض. بل غالب ما يتم ليس بيعا للعملة ذاتها، بل بيع لها على المكشوف. وهذا مما لا يصح.
3.إن جعل العملات مجالا للمضاربة أمر فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة. وما آثار الاضطرابات في العملات المحلية والدولية في الغالب إلا من جراء جعل العملات مجالا للمضاربة. وقد نهى السلف رحمهم الله عن جعل العملات مجالا لذلك. ولذلك لا أتردد في القول بتحريم المضاربة في عملات البلدان الإسلامية خاصة الفقيرة؛ لما فيها من الضرر المتعدي على جميع مسلمي تلك الديار.
في العمل مع السماسرة غير المسلمين محاذير أخرى، من التوقيع على اتفاقيات فيها شروط غير صحيحة من الناحية الفقهية، وفيها نص على التحاكم إلى المحاكم غير الشرعية.
ويقول الدكتور سامي السويلم – الباحث في الاقتصاد الإسلامي :-
“تداول العملات في الأسواق الدولية يكتنفه محاذير: منها أن تسوية الصفقة (settlement) لا تتم إلا بعد يومين من التعاقد، وهذا يعني تأخر التقابض عن وقت المبايعة، وهذا محرم شرعاً.
ومنها: أن التسهيل الذي يحصل عليه المستثمر من الوسيط في حقيقته قرض، وهذا القرض ليس مجانياً، بل هو مقابل العمولات التي يأخذها الوسيط من عمليات البيع والشراء. فهو إذن قرض جر نفعاً، وهذا ربا. وعلى أحسن أحواله يكون حكمه حكم بيع العملة بثمن مؤجل، وهذا أيضاً محرم؛ لما فيه من تأخير التقابض المحرم شرعاً.”انتهى.