اختلف الفقهاء فيمن تجب عليه الجمعة ومن لا تجب فقالوا إن الجمعة لا تجب إلا على من سمع النداء لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (الجمعة على من سمع النداء) فهي واجبة على القريب الذي يسمع النداء واختلف الفقهاء في تحديد المسافة فقيل إنها ثلاثة أميال وقيل عشرة أميال، وقيل ستة أميال، وذهب الجمهور المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الجمعة واجبة على أهل المصر وإن لم يسمعوا النداء وإنما الخلاف فيمن كان خارج البلد وبناء على هذا اختلفوا في تحديد مسافة القرب والبعد بالنسبة لمن كان خارج المدينة.

ومقدار الميل كما جاء في المعجم الأساسي 1609 مترا.

جاء في كتاب نيل الأوطار في باب من تجب عليه الجمعة ومن لا تجب ( عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الجمعة على من سمع النداء } رواه أبو داود والدارقطني وقال فيه : { إنما الجمعة على من سمع النداء} الحديث يدل على أن الجمعة لا تجب إلا على من سمع النداء , وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق , حكى ذلك الترمذي عنهم , وحكاه ابن العربي عن مالك، وروي ذلك عن عبد الله بن عمرو راوي الحديث.

وقد حكى العراقي في شرح الترمذي عن الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل أنهم يوجبون الجمعة على أهل المصر وإن لم يسمعوا النداء . وقد اختلف أهل العلم فيمن كان خارجا عن البلد الذي تقام فيه الجمعة، فقال عبد الله بن عمر وأبو هريرة وأنس والحسن وعطاء ونافع وعكرمة والحكم والأوزاعي والإمام يحيى إنها تجب على من يؤويه الليل إلى أهله , والمراد أنه إذا جمع مع الإمام أمكنه العود إلى أهله آخر النهار وأول الليل. واستدلوا بما أخرجه الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الجمعة على من آواه الليل إلى أهله) قال الترمذي: وهذا إسناد ضعيف إنما يروى من حديث معارك بن عباد عن عبد الله بن سعيد المقبري، وضعف يحيى بن سعيد القطان عبد الله بن سعيد المقبري في الحديث انتهى .

وقال العراقي : إنه غير صحيح فلا حجة فيه. وذهب الهادي والناصر ومالك إلى أنها تلزم من سمع النداء بصوت الصيت من سور البلد. وقال عطاء: تلزم من على عشرة أميال. وقال الزهري : من على ستة أميال . وقال ربيعة: من على أربعة , وروي عن مالك : ثلاثة . وروي عن الشافعي : فرسخ , وكذلك روي عن أحمد . قال ابن قدامة : وهذا قول أصحاب الرأي . وروي في البحر عن زيد بن علي والباقر والمؤيد بالله وأبي حنيفة وأصحابه أنها لا تجب على من كان خارج البلد .) .

وفي أحكام القرآن لابن العربي المالكي:
في تفسير قوله تعالى : { إذا نودي للصلاة } (يختص بوجوب الجمعة على القريب الذي يسمع النداء ; فأما البعيد الدار الذي لا يسمع النداء فلا يدخل تحت الخطاب . واختلف الناس فيمن يأتي الجمعة من الداني والقاصي اختلافا متباينا .

وجملة القول فيه أن المحققين من علمائنا قالوا : إن الجمعة تلزم من كان على ثلاثة أميال من المدينة , لوجهين : أحدهما أن أهل العوالي كانوا يأتونها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته أن الصوت إذا كان رفيعا والناس في هدوء وسكون فأقصى سماع الصوت ثلاثة أميال ; وهذا نظر وملاحظة إلى قوله تعالى: “نودي”، وهو الصحيح).