الصِّراط في اللغة هو الطريق الواسع، وفي الشرع ـ كما قال الدردير في شرح خريدته ـ جسرٌ ممدود على مَتْنِ جَهَنَّم بين الموقف والجنَّة أَرَقُّ من الشَّعرة وأحدُّ من السيف، وأنكر الإمام الغزالي والعِز بن عبد السلام كونه أَرَقُّ من الشَّعرة وَأَحَدُّ من السيف، بل هو متسع لورود ما يدل على ذلك، وعلى فرض صحة هذا الوصف يُؤَوَّل على أنه كناية عن شدة المَشقة، فهو مُختلف في الضيق والاتساع بحسب الأعمال، كما قال الدردير، فالمارون عليه منهم سالمٌ بعمله ناجٍ من نار جهنم؛ لأنه منصوب على متنها كما في الحديث ـ
وهم على أقسام:
-منهم من يجوزه كلَمْحِ البصر.
-ومنهم من يجوزه كالبرق الخاطف.
-ومنهم كالريح العاصف أو كالطير أو كالجواد السابق.
-ومنهم من يسعى سعيًا ومنهم من يمشي.
-ومنهم من يمرُّ عليه حَبْوًا ومنهم من تخدشه كلاليب فيسقط ولكن يتعلَّق بها فيعتدل ويمرُّ ويجاوزه بعد أعوام.
-ومنهم غير السالم في الوقوع في النار، وهم متفاوتون بقدر تفاوتهم في الجرائم.
-فمنهم من يَخْلُدُ في النار وهم الكفار.
-ومنهم من يخرج منها بعد مُدة على حسب ما شاء الله وهم عصاة المؤمنين.
والصراط ثابت بالقرآن والسُّنة والإجماع ـ كما ذكره العدوي في كتابه “مشارق الأنوار ص 171”.
قال تعالى: (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) (سورة يس: 66) وقال ـ ﷺ ـ “يُنْصَبُ الصِّرَاطُ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ فَأَكونُ أول من يَجوزُه وأُمتي.
والحق تفويض معرفة حقيقته إلى الله تعالى، ويمرُّ عليه الأولون والآخرون حتى من لا حساب عليهم.
قال العلامة الأمير ـ وكلهم سكوت إلا الأنبياء ـ وقولهم إذ ذاك : اللهم سَلِّم سَلِّم، كذا في الصحيح الذي رواه مسلم “الترغيب والترهيب للمنذري ج 4 ص 149” ثم ذكر العدوي أخبارًا لا تُبنى عليها عقيدة.
وقال الفاكهاني: إنه موجود الآن والأخبار عنه صحيحة، وأهل السُّنَّة أبقوها على ظاهرها من تفويض عِلم حقيقته إلى الله تعالى وقال بعضهم: إنه يُوجَد عند الحاجة إليه. وذكر حديثًا أخرجه ابن مِرْدَوَيْه في تفسيره بسندٍ لا بأس به عن ابن عمر عن النبي ـ ﷺ ـ “من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدميه إلى عنان السماء يُضئ له إلى يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين” وهذا النور يكون على الصراط، كما في حديث رواه الطبراني، وفي حديث للديلمي “الصلاة نورٌ على الصراط” وكلها أحاديث للترغيب في العمل الصالح. والحقيقة هناك يعلمها الله سبحانه وتعالى.