كان الكحل معروفاً عند العرب قبل الإسلام، يستعمله الرجال والنساء للدواء والزينة، والإسلام في احتياطه لصيانة الأعراض ومنع الفتنة أمر بالامتناع عن كل ما يغري بالسوء، وأمر المرأة بالذات بستر مفاتنها فقال تعالى: “ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها” (سورة النور: 31) والظاهر المعفو عنه فيه خلاف للمفسرين.
يقول القرطبي: الزينة قسمان: خلقية ومكتسبة، فالخلقية وجهها، والمكتسبة كالثياب والحلي والخضاب والكحل، ومنه قوله تعالى: “خذوا زينتكم عند كل مسجد” (الأعراف: 31) وعلى هذا فالكحل في العينين من الزينة الظاهرة والمعفو عنها، وذلك للحاجة إلى كشف العينين بالذات تبعاً لكشف الوجه الذي جاء الترخيص به ويكشف الكفين.
غير أننا ننبه إلى أن الكحل إذا كان زينة معفوا عن إبدائها فالمراد به ما لا يكون مبالغاً فيه يلفت النظر، وما لا يقصد به الفتنة، لأن الكحل العادي قد تكون العين في غير حاجة إليه إذا كانت جميلة بالطبيعة بما يعرف باسم “الكحل” أما ما يزيد على ذلك مما يتفنن فيه نساء العصر فإن المقصود منه غالباً ليس تحسين العين لذات التحسين، بل الفتنة والإعجاب بما استحدث من أصباغ ذات ظلال وألوان خاصة للجفون وما يتبعها من أهداب صناعية وغيرها، وكل هذا لا يقر الإسلام أن يطلع عليه الرجال الأجانب، إلى جانب النية التي جاء فيها الحديث “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى” رواه البخاري ومسلم والقياس على التعطر الذي يقصد به أن يجد الرجال ريحها وهو دليل الفساد.
فليتق الله النساء فإنهن بغير زينة فتنة ما بعدها فتنة، وليستشعر كل رجل مسئوليته نحو أهله، فإن الله سائل كل راع عما استرعاه “يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة” (سورة التحريم: 6).