المحتسَب عليه هو المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر ، وشرطه أن يكون متلبساً بمفسدةٍ يجب دفعها ومنعها ، أو تاركاً لمصلحةٍ يجب تحصيلها ، ولا يشترط أن يكون مكلَّفاً ، فيجوز الاحتساب على الصبى أحياناً ، ولا يشترط أن يكون أقل رتبة من المحتسِب ، فيجوز احتساب التلميذ على أستاذه ، والزوجة على زوجها ، والولد على والديه.
ما المقصود بالمحتسب عليه وشرطه؟
جاء في موسوعة الفقه الكويتية:
فالمحتسب عليه هو المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر وشرطه أن يكون ملابساً لمفسدة واجبة الدفع ، أو تاركاً لمصلحة واجبة الحصول، وقال الغزالي : وشرطه أن يكون بصفةٍ يصير فيها الفعل الممنوع في حقه منكراً ، ولا يشترط كونه مكلفاً، ولا يشترط في المأمور والمنهي أن يكونا عاصيَين .
فالمنكر منه ما هو مكروه ، ومنه ما هو محظور ، ويسمى أيضا معصية وذنبا والفرق بين المكروه والمحظور ، أن المنع من المنكر المكروه مستحب ، والسكوت عليه مكروهٌ ، وليس بحرامٍ ، وإذا لم يعلم الفاعل أنه مكروهُ وجب ذكره له ، فإن للكراهة حكماً في الشرع يجب تبليغه إلى من لا يعرفه . أما المحظور فالنهي عنه واجبٌ والسكوت عليه محظورٌ إذا تحقق شرطه ، وبهذا اشترط أن يكون المنكر مجمعا على تحريمه ، أو يكون مدرك عدم التحريم فيه ضعيفاً.
بعض أنواع الاحتساب وضوابطه؟
أولا ـ الاحتساب على الصبيان :
صرح ابن حجر بالوجوب ، ونقل عن الأئمة أنه يجب إنكار الصغيرة والكبيرة عليهم ، بل لو لم يكن الفعل معصيةً لخصوص الفاعل ، كمنع الصغير والمجنون عن شرب الخمر والزنى .
ورجح البعض الوجوب ، ورجح البعض الاستحباب وقال : يستحب الإنكار على الأولاد الذين دون البلوغ سواءٌ أكانوا ذكوراً أم إناثاً تأديباً لهم وتعليماً .
ثانيا ـ الاحتساب على الوالدين :
أجمع الفقهاء على أن للولد الاحتساب عليهما ، لأن النصوص الواردة في الأمر والنهي مطلقةٌ تشمل الوالدين وغيرهما ، ولأن الأمر والنهي لمنفعة المأمور والمنهي ، والأب والأم أحق أن يوصل الولد إليهما المنفعة ولكن لا يتجاوز مرتبتي التعرف والتعريف ، وقد اختلف الفقهاء فيما يجاوز ذلك بحيث يؤدي إلى سخطهما بأن يكسر مثلاً عوداً ، أو يريق خمراً ، أو يحل الخيوط عن ثيابه المنسوجة من الحرير ، أو يرد ما يجده في بيتهما من المال الحرام .
ثالثا - احتساب التلميذ على الشيخ ، والزوجة على زوجها ، والتابع على المتبوع :
عقد النووي في الأذكار باباً في وعظ الإنسان من هو أجلُّ منه ، وقال : اعلم أن هذا الباب مما تتأكد العناية به ، فيجب على الإنسان النصيحة ، والوعظ ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكل صغيرٍ وكبيرٍ ، إذا لم يغلب على ظنه ترتب مفسدةٍ على وعظه .
وألحق الإمام الغزالي الزوجة بالنسبة لزوجها بالولد بالنسبة لأبيه .
وقال في باب: ما يقوله التابع للمتبوع إذا فعل ذلك أو نحوه : اعلم أنه يستحب للتابع إذا رأى من شيخه وغيره ممن يقتدي به شيئاً في ظاهره مخالفة المعروف أن يسأله عنه بنية الاسترشاد ، فإن كان فعله ناسياً تداركه ، وإن فعله عامداً وهو صحيح في نفس الأمر بينّه له .
وللإمام الغزالي تفصيل ، فبعد أن قرر كأصل عام أن المحترم هو الأستاذ المفيد للعلم من حيث الدين ، ولا حرمة لعالمٍ لا يعمل بعلمه ويعامله بموجب علمه الذي تعلمه منه . قال بسقوط الحسبة على المتعلم إذا لم يجد إلا معلماً واحداً ولا قدرة له على الرحلة إلى غيره ، وعلم أن المحتسب عليه قادرٌ على أن يسد عليه طريق الوصول إليه ، ككون العالم مطيعاً له أو مستمعاً لقوله ، فالصبر على الجهل محذورٌ ، والسكوت على المنكر محذورٌ ، ولا يبعد أن يرجح أحدهما ويختلف ذلك بتفاحش المنكر وشدة الحاجة إلى العلم لتعلقه بمهمات الدين . وناط الاحتساب وتركه باجتهاد المحتسب حتى يستفتي فيها قلبه ، ويزن أحد المحذورين بالآخر ويرجح بنظر الدين لا بموجب الهوى والطبع . (انتهى)