شراب عصير الشعير إن ثبت بعد تحليله احتواؤه على الكحول كمادة مسكرة ، فيحرم التعامل به بيعا وشراء كما يحرم شربه ، أما إن كان خاليا من المسكرات ، فلا بأس بالتعامل به بيعا وشراء وشربا وتجارة .

يقول الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق – رحمه الله – :

إن الخمر التي حرَّمها الله في القرآن الكريم بيَّنتْها السُّنة المُطهرة في أحاديث كثيرة منها:

1ـ رُوي في صحيحي البخاري ومسلم من حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال “نزَلَ تحريم الخمر وهي خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر: ما خامَر العقل”. متفق عليه.

2ـ عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “إنَّ مِن الحنطةِ خمرًا، ومِن الزبيب خمرًا، ومِن التمر خمرًا، ومِن العسل خمرًا، ومِن الشعير خمرًا، وأنَا أنهى عن كل مُسْكرٍ. رواه أبو داود وغيره.

عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “كلُّ مُسكرٍ خمرٌ، وكلُّ مُسكرٍ حرامٌ. رواه الخمسة.

4ـ رَوى أبو داود عن جابر عن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “ما أسكر كثيرُه فقليلُه حرامٌ”. رواه أحمد وابن ماجة والدارقطني، وصححه عن ابن عمر…

5ـ روى أبو داود عن شهر بن حوشب عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: “نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن كل مسكرٍ ومُفَتِّر”، والمُفَتِّر: كلُّ شرابٍ يُسبِّب الفُتور في الجسم والخُمول في الأعضاء ..
يُقال: فتَر عن العمل فُتورًا من باب قعد: انكسرت حِدَّتُهُ، ولَانَ بعد شدَّته، ومنه فتَر الحرُّ ـ إذا انكسر فترةً وفُتُورًا، وقوله ـ تعالى ـ: (علَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ). أي: على انقطاع بينهم ودُروس أعلامِ دِينهم، وهذا المعنى مَلحوظ في تحريم المَطعوم أو المَشروب المُفَتِّر كالمُخدرات بمُختلف صُنوفها طبيعية أو مُخلَّقة، فالمسكر والمُفَتِّر يُباعد بين الإنسان وطبيعة خلْقه الذي صنَعه الله.

وعلى ضَوْء هذه الأحاديث المَرْويَّة والآثار النبوية يتقرَّر:

أولًا: أن كل مسكر خمْر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيرُه فقليلُه حرام، أسكر أو لم يُسكر، وسواء اتُّخذ مِن عنب أو تمر أو زبيب أو قمح أو شعير أو تِينٍ أو أرز أو ذرة أو عسل أو لبن أو غيرها ممَّا يُسكر، ولا عِبْرة بالتسمية؛ فقد أخبر الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فيما رواه أبو مالك الأشعري ـ رضي الله عنه: أنه سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: “ليَشْرَبَنَّ ناسٌ مِن أُمَّتِي الخَمْرَ يُسمُّونها بغيرِ اسْمِهَا”. رواه الإمام أحمد وأبو داود..

ثانيًا: عصير الشعير إذا ثبت بعد تحليله خُلُوُّهُ مِن المواد المُسكرة، وأنه غير مُسكر قليله وكثيره، وعدم تأثير كثيره في هذا سواء، فإنه لا يدخل في دائرة الخمْر المُحَرَّمة، أما إذا ثبَت بالتحليل أنه يحتوي على مادة الكحول الموجودة في الخمر المحرمة في القرآن والسُّنة فإنه يكون مِن الأشربة المُسكرة، والتي يحرُم تناول قليلها وكثيرُها؛ لثبوت وُجود علة التحريم وهي الإسْكار، وهذا لعُموم قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: “كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام”. وما حُرِّم تعاطيه حُرِّم التعامُل فيه بيعًا وشراءً ورَهْنًا واستبدالًا، ومِن ثم لا يجوز استيراده ولا بيعه، ولا أكل ثمنه لقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: عن الخمر: “إنَّ الذي حرَّم شُربها حرَّم بيعها وأكْل ثمنها”.