المال لا يوصف بالحل والحرمة من حيث ذاته، ولكن التعامل هو الذي يوصف بالحل والحرمة، فالمال قد يكون في يد أحدهم حراما ثم ينتقل إلى آخر فيكون حلالا، فالنبي قد أخذ الجزية من اليهود ومن المعلوم أن اليهود يتعاملون بالربا، وقد شهد القرآن عليهم بهذا فقال تعالى: ” وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِل،ِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيما” (النساء:161). ولكن بانتقال المال إلى المسلمين باعتبار الجزية جعلها حلالا في أيديهم، وقد أخذ الفاروق الجزية من أهل الذمة من ثمن الخمر التي يتبايعونها، بدلاً من أخذ الخمر، وقال: “ولّوهم بيعها وخذوا منهم أثمانها” أخرجه عبد الرزاق في المصنف، وأبو عبيد في الأموال، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : “وهذا ثابت عن عمر -رضي الله عنه-“، وهو مذهب الأئمة .
فالشيء إذا فارق محله انتفت عنه صفته.
فمن الأصول المتفق عليها أن من اكتسب مالاً حراماً فوزره عليه، ولا يتعداه إلى الآخرين إذا كان تعاملهم معه مشروعاً في نفسه.