لكلِّ ليلة من الليالي المفضلة قدرها، فليلة الإسراء لها فضل بإسراء الله برسوله فيها كما نصّت عليه الآية ، وليلة القدر كذلك لها فضل بنزول القرآن ورسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم وذلك بنص الآية، أما ليلة النصف من شعبان فلها فضل باعتبار كونها من شهر شعبان وورود بعض الأحاديث في الترغيب في فضلها وإن كان أكثرها ضعيفًا.
وأما أفضلية بعض هذه الليالي على بعضها الآخر، فلتكن المفاضلة بين ما ثبت لها الفضل بطريق صحيح، وهما ليلة الإسراء وليلة القدر.
وللعلماء كلام كثير في هذه المفاضلة، وإن كان البعض قد جمع بين أقوالهم في ذلك فقال: ليلة الإسراء أفضل من غيرها بالنّسبة إلى الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لما ناله فيها من الشرف العَظيم الذي لم يكن لغيره من الأنبياء والرسل، وبيان هذا الشّرف يطول.
وليلة القدر أفضل بالنسبة للأمّة الإسلاميّة؛ لأنّه نزل فيها القرآن؛ ولأنّها تعبُد الله عبادة صحيحة على ضوئه، وجعلت لها مكانة مرموقة في العالم كله، وإن كان للرسول فيها نصيب باختياره للرسالة في هذه الليلة، لكنّ الرسالة شارَكه فيها غيره من الرُّسُل، وكما نزل عليه الوحي نزل على رسل غيره.
أما ليلة الإسراء فلم يشارِكه فيها أحد، فهي أفضل الليالي بالنسبة له، وأرجو ألا يكون ذلك مثار جدل لا طائل تحته.
هذا، وقد أثار هذا السؤال ابن القيِّم في كتابه ” زاد المعاد “، ونقل عن ابن تيميّة أن فضل ليلة الإسراء إن كان من أجل العِبادة فيها لا أصل له؛ لأنّها غير معيَّنة لنا، ولم يشرع فيها عبادة بمناسبتها، أما ليلة القدر فشرفُها مقررٌ، ولها عبادة بثواب عظيم.
ثم ذكر أن ليلة الإسراء أفضل للنبي وليلة القدر أفضل لأمته، وأرشد إلى عدم الخوض في هذه الأمور، كما تطرَّق إلى المفاضَلة بين يوم الجمعة ويوم عرَفة، وذكر كلاما كثيرًا من أرادَه فليرجع إلى ” زاد المعاد .