هذه قضية لعل الأقرب إلى العدل فيها ، أن يقدر قيمة القرض عند الاقتراض بنقد ثابت نسبياً ، فإن كانت عملة البلد مثل الليرة اللبنانية أو الجنيه السوداني أو الدينار العراقي وأمثالها من العملات ، فهناك عملات انخفضت ليس خمسين في المائة فقط بل مائة في المائة ، فيقدر المبلغ بما يعادله من العملات القوية كالدولار أو الجنيه الإسترليني أو المارك الألماني أو الفرنك السويسري فهذه قد ترتفع وتنخفض ولكنها أكثر ثباتاً ، وتعتبر ثابتة نسبياً .
لكن المشكلة تقوم إذا كانت الديون قديمة قبل انهيار العملة ، ما الحل فيها ؟
هناك مع الأسف بعض أهل العلم قالوا أن على المقترض أن يرد للمقرض المبلغ نفسه بالعملة نفسها ، فإذا كان لي على أحد خمسة عشر ألف ليرة لبنانية مثلا منذ عام 1969 وكانت الليرة يومها تساوي ريالين ، وكان الدولار لا يزيد على ليرتين إلا قليلاً ، وكان هذا المبلغ في ذلك الوقت يشتري سيارة مرسيدس ، ولم يسدد هذا المبلغ حتى الآن ، فيأتي الدائن الآن ويقول : أريد أن أبرئ ذمتي وأرد الخمسة عشر آلاف ليرة ، ماذا يفعل بها؟ هذا المبلغ لا يكفي إنساناً وجبة غداء في الوقت الحالي ، إذ لا يساوي أكثر من عشرة دولارات ، هل يكون قد رد حق الشخص ؟
الواجب شرعا أن نعادلها بسعر الذهب ، فمائة ألف ليرة لبنانية في عام 1969 كم غراماً من الذهب كان يشترى بها ؟ فما كان عليه مثل هذا الدين يدفع الآن قيمة ما استدان بالذهب ، فإن كان المبلغ يساوي مائة غرام ذهباً في وقت الاستدانة فإن رد الدين يكون بما يساوي مائة غرام ذهباً لأنه وإن ارتفع وانخفض ثابت نسبياً ، أما النقود الورقية فلا قيمة لها ، وهذا أقرب إلى العدل ويتفق مع مذهب أبي يوسف أن نعطي قيمة الدين يوم الوجوب .