لا بأس بالقراءة من المصحف في صلاة التراويح بشرط ألا تكثر حركة المصلي في الصلاة، وإن كانت الصلاة من الحفظ أفضل حتى لا يتساهل الناس في عدم حفظ القرآن.
هل يجوز القراءة من المصحف في الصلاة
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى – :
معلوم أن قراءة بعض القرآن بعد الفاتحة سُنَّة في الركعتين الأُولَيَيْن من الصلاة، وذلك للإمام والمنفرد، ولو تُرِكَتِ القراءة فالصلاة صحيحة وإن قلَّ ثوابها.
وإذا أحَبَّ المصلِّي أن يقرأ فليقرأ ما يحفظه ولو كرَّره في الركَعات والصلوات، ولا يلزمه تغيير ما يحفظه، فإذا أراد أن يقرأ ما لم يحفظ احتاج إلى مصحف أو مكتوب فيه قرآن، فهل يجوز ذلك؟
أخرج الإمام مالك أن ذكوان مولى السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ كان يَؤمُّها في رمضان ويَقرأ من المصحف، ولا بأس بذلك كما ذهب إليه الشافعية، والشرط ألا يَفعل حركات تُبطِل الصلاة، كوضْع المصحف ثم حمْله وفتْحه لِيقرأ منه، فإن ثلاث حركات ليس بينها فاصل طويل تُبطل الصلاة، وقد يُستعان على عدم كثرة الحركات بوضع المصحف ذي الخط الكبير على شيء مرتفع أمام المصلِّي ليقرأ منه الصفحة والصفحتين، ولا يحتاج إلى تقليب الأوراق كثيرًا، والقليل من التقليب لا يُبطل الصلاة، قال النووي في المجموع: ولو قلَّب أوراق المصحف أحيانًا في صلاته لم تَبطُل.
من هذا نرى أن القراءة في الصلاة من المصحف جائزة عند المالكية، ولكن محل ذلك هو في التراويح والنوافل، أما في صلاة الفرض فمكروهة، لكن الصلاة صحيحة، وكذلك جائزة عند الشافعية والحنابلة كالمالكية في الجواز في النفْل والكراهة في الفرض مع صحة الصلاة.
أما الحنفية فقد نُقِلَ عن الإمام أبي حنيفة أنها تَبطُل الصلاة إذا لم يكن حافظًا؛ لأنه عمل طويل. ولأن التلقن من المصحف كالتلقن من غيره، ومثل الحنفية الظاهرية في البطلان.
ومن أدلة المُجيزين ما سبق ذكره من مولى السيدة عائشة وأخرجه مالك. وسئل الزهري عن رجل يَقرأ في رمضان في المصحف فقال: كان خِيارنا يقرءون في المصحف، ومن أدلة المانعين ما رواه ابن أبي داود في “كتاب المصاحف” أن ابن عباس قال: نهانا أمير المؤمنين أن نَؤمَّ الناس في المصاحف. ورُوِيَ عن بعض التابعين كراهته. والشرط عند الجواز عدم الفعل الكثير. والأوْلى أن يكون ذلك لغير الحافظين وفي النوافل، واختلافهم رحمة.
يقول الدكتور علي جمعة:
من السنن الحسنة في رمضان كثرة ختم المصحف الشريف خاصة في صلاة التراويح،ولكن ختم المصحف في الصلاة قد يعطله عدم الحفظ أو عدم قوته وغير ذلك.
ويُتغلب على هذه العوارض بالاستعانة بالقراءة من المصحف، وهو عمل جائز، ودليل جوازه عدم الفرق بين القراءة عن ظهر قلب وبين القراءة من المصحف. وأن حمل المصحف جائز فالنبي ﷺ قد حمل بنت ابنته في الصلاة ، أخرجه البخاري (494)ومسلم (543) عن أبي قتادة.
وتقليب الأوراق غير كثير ولا متوال فهو غير مشعر بالإعراض، والفكر والنظر غير مبطل؛ فقد صَلَّى النبي ﷺ في الخَميصة وقال: “إنها ألهتني آنفا عن صلاتي. أخرجه البخاري (366) ومسلم (556) عن عائشة. ووجه الدلالة أنه لم يقطع الصلاة، ولم يَذكر أن هذا يبطل الصلاة ، ولم يُذكر أنه أعاد الصلاة.
وما سبق من تجويز بعض الأفعال في الصلاة يقويه أيضا أنا جوزناها لمصلحة الصلاة، والأمور بمقاصدها.
والقراءة من المصحف في الصلاة فعلها الصحابة والسلف رضي الله عنهم، فعن عائشة زوج النبي ﷺ أنها كان يؤمها غلامها ذَكْوان في المصحف في رمضان. أخرجه البيهقي (2/253) وغيره، وعلَّقه البخاري (1/245).
وقال ابن وهب: قال ابن شهاب: كان خيارنا يقرءون في المصاحف في رمضان. المدونة (1/224).
حكم صلاة من يقرأ من المصحف
صرح جماعة من الأئمة المتبوعين بجوازه:
قال النووي: لو قرأ القرآن من المصحف لم تبطل صلاته سواء كان يحفظه أم لا بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة، ولو قلَّب أوراقه أحيانا في صلاته لم تبطل ، ولو نظر في مكتوب غير القرآن وردد ما فيه في نفسه لم تبطل صلاته وإن طال ، لكن يكره ، نص عليه الشافعي في الإملاء وأطبق عليه الأصحاب. هذا مذهبنا ومذهب مالك وأبي يوسف ومحمد وأحمد، واحتج أصحابنا بأنه أتى بالقراءة ، وأما الفكر والنظر فلا تبطل الصلاة بالاتفاق إذا كان في غير المصحف ، ففيه أَوْلَى. المجموع (4/27) بتصرف.
قال سحنون: وقال مالك : لا بأس بأن يؤم الإمام بالناس في المصحف في رمضان وفي النافلة.
قال ابن القاسم : وكره ذلك في الفريضة . قال ابن وهب: قال ابن شهاب : كان خيارنا يقرءون في المصاحف في رمضان ، وذكروا أن غلام عائشة كان يؤمها في المصحف في رمضان ، وقال مالك والليث مثله. المدونة (1/224).