القراءة الخاطئة في القرآن قد تغير المعنى وإذا غيرت المعنى كليا قد يأثم صاحبها إذا قصر في التعلم، ومثال ذلك:
قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ) [سورة فاطر : 28].
والمعنى الصحيح أن العلماء بما خلق الله في الكون من المطر والنبات والجبال والناس والحيوانات وغيرها، يصِلون بعلمهم المتعمّق والمنصف إلى الإيمان بالله، ويخشون الكفر به وعصيانه فيما أمر به ونهى عنه. فالعلماء يخشَون الله.
وإعراب الجملة هو أن لفظ الجلالة “الله” في موقع المفعول به فينصب، ولفظ “العلماء” في موقع الفاعل فيرفع، والمعتاد أن يتقدم الفاعل على المفعول، والتأخير في هذا الموضع له ما يبرِّره، وتحدّث العلماء في بيانه، وليس محلّ ذلك هنا.
أما القراءة برفع لفظ الجلالة على أنّه الفاعل للخشية، ونصب لفظ “العلماء” على أن الله يخشاهم، فقد وجَّهه بعض المفسِّرين بأن الخشية هنا ليست على حقيقتها، جاء في تفسير القرطبي أن المعنى إنّما يُجِلُّهم الله ويعظمهم، كما يجل المهيب المخشي من الرجال بين الناس من بين جميع عباده.
ومع إمكان فهم المعنى برفع لفظ الجلالة، فإن القراءة نفسها غير معترف بها كما يقول علماء القراءات، على الرغم من أن عمر بن عبد العزيز كان يقرأ بها وحُكيت عن أبي حنيفة، كما يقول القرطبي، فلم ترِد في القراءات السبع المشهورة عن الإمام الشاطبي في “الشاطبية”، ولم ترد في القراءات الثلاث المكملة للسبع المشهورة من طريق “الدرة” لابن الجزري.
كما لم ترد في القراءات الأربع الشواذ المنسوبة لابن مُحيصِن والحسن البصري والأعشى والمطوي من طريق كتاب “الفوائد المعتبرة في القراءات الأربع الشواذّ” للشيخ المتولي الشهير بالشمس المتولِّي صاحب كتاب “التحريرات” على “الطيبة” لابن الجزري.