يقول الشيخ عبد الحليم محمود -رحمه الله تعالى- شيخ الأزهر:

هناك فروق بين الفدية والهدي في الحج، فالفدية تكون في حالة مُخالفة لشعائر الإحرام بفعل محظور من محظوراته. وإليها يشير قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الحجَّ والعُمرةَ للهِ فإنْ أُحْصِرتُمْ فما استَيْسَرَ من الهَدْي ولا تَحْلِقُوا رُءوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فمَنْ كانَ منكم مريضًا أو به أذًى من رأسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أو صدقةٍ أو نُسُكٍ).

وقوله – صلى الله عليه وسلم – لمَن كان مُحرِمًا معه فأذاه القُمَّل في رأسه فأمره بأن يَحْلِق رأسه ثم قال له: صُمْ ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، مُدَّيْن لكل إنسان، أو أَنْسِك بشاة، أي ذلك فعلتَ أجزأَ عنك. وموضع الفِدْية على ما رأَى الإمام مالك أنها تُفْعَل في أي مكان بمكة أو بغيرها، وإن شاءَ ببلده، وسواءٌ في ذلك الذبح أو الإطعام أو الصيام.

وعلى مذهب الإمام مالك، تجوز الفِدْية بالبلد، ولا داعي للإنابة في إرسالها إلى مكة.. وعلى كلٍّ فإنه يجوز أن يُنِيب المرءُ شخصًا في الفِدْيَة عنه بالحرَم بالذبح أو الإطعام.

أما الهَدْي فهو ما يُقَدِّمه الحاج من الحيوان باسم الله إلى الحرَم يُذْبَح فيه ويُطعِم منه المسكين الفقير، ويكون في حالات خاصة، منها:

1 – حدوث مانع يمنع من إتمام الحج والعمرة كمرض أو عَدُوٍّ؛ لقوله – تعالى -: (وَأَتِمُّوا الحجَّ والعُمرةَ للهِ فَإِنْ أحصرتُم فما استيسرَ من الهَدْي). ولا يكون إلا حيوانًا يُذْبَح. وإذا عجز الإنسان عنه، فليس له أن يَسْتَبْدِل به غيرَه ولا أن يَقْتَضِيَه إذا تيسَّر له.

2 – التمتُّع بالتحلُّل من إحرام العمرة لاستئناف إحرام آخر للحج عند الخُروج إلى عرفة، وهو ما يُعَبِّر عنه قولُه – تعالى -: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بالعُمرةِ إلى الحجِّ فما استيسرَ من الهدْي).

فإذا لم يجد الحاج هديًا كان عليه ما عبَّر الله – تعالى – عنه بقوله: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثلاثةٍ أيامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رجَعْتُم تلكَ عشَرةٌ كاملةٌ).

وهذا النَّوْع من الهدي يُجيز الإمام مالك نحرَه بغير مكة كالفدية.

3 – الهَدْي الواقع جزاءً للصيد في الحرَم، ولا يجوز فِعْلُه بغير الحرم؛ لقوله – تعالى -: (يَا أيها الذين آمنوا لا تقتُلُوا الصيدَ وأنتُمْ حُرُمٌ ومَن قتَلَه منكم متعمدًا فجزاءٌ مِثْلُ ما قتَلَ من النعَمِ يَحْكُم به ذوَا عَدْلٍ منكم هديًا بالِغَ الكعبةِ أو كفَّارةٌ طعامُ مسكينٍ أو عَدْلُ ذلكَ صِيامًا).