قال رسول الله ﷺ: ” إن العين حق ” وقال أيضا : ” إن العين لتولع بالرجل بإذن الله تعالى حتى يصعد حالقا، ثم يتردى منه”، رواه أحمد في مسنده وأبو يعلى في مسنده عن أبي ذر وصححه السيوطي في جامعه.
و (تولع): أي تعلق، و(بإذن اللّه تعالى) أي بتمكينه وإقداره ، و(حالقا): أي جبلا عاليا، و(يتردى): أي يسقط.
وجاء في خبر ذكر في فيض القدير: إن العين تدخل الرجل القبر .
كيف يكون التحصن من العين:
العلاج يتمثل في التحصين والتعوذ بالأذكار الشرعية ، ومنها ما رواه البخاري والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ كان يعوذ الحسن والحسين “أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين “لامة” ويقول “إن أباكما إبراهيم كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق. وقراءة الإخلاص والمعوذتين ثلاثا صباحا وثلاثا مساء.
والالتزام بالتعاليم النبوية، والتوكل على الله تعالى، وتجنب أسباب إعجاب الغير بأمور قد لا يذكر الله عليها أو يكرهها لنا.
هل العين حق أم خرافة:
يقول الشيخ محمد صالح المنجد:
أولاً : العين حق لقول الرسول ﷺ : ” العين حق ولو كان شيء سابَق القدر لسبقته العين ” . رواه مسلم من حديث ابن عباس .
ثانياً : إن العين تكون من العائن الحاسد على الأكثر .
ثالثاً : الراجح أن العين كما أنها تكون من العائن الحاسد فقد تكون من غير الحاسد بمجرد الإعجاب.
رابعاً : إن الرجل قد يصيب زوجته بالعين بنظره إليها وملاحظته جمالها.
من أين تأتي العين:
يقول العلامة ابن القيم :
وأصل العين والحسد إعجاب العائن بالشيء ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين ، وقد يعين الرجل نفسه ، وقد يعين بغير إرادته ، بل بطبعه ، وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني .
وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء عن من عرف بذلك : حبسه الإمام ، وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت ، وهذا هو الصواب قطعا .. زاد المعاد .
فعليه جاء في الحديث : ” أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامَّة “. رواه البخاري من حديث ابن عباس .
ومعنى الهامَّة : الحيوانات والحشرات السامة القاتلة .
ومنى لامَّة : التي تصيب بالحسد .
هل العين من الحسد أم الإعجاب:
1- الراجح أن العين كما أنها تكون من العائن الحاسد فقد تكون من غير الحاسد بمجرد الإعجاب وذلك لحديث ” إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فٍان العين حق ” . رواه ابن السني في ” عمل اليوم والليلة ” والحاكم وصححه الألباني في ” الكلم الطيب .
فهذا الحديث يبين أن الرجل قد يصيب نفسه أو ماله – ولا أحد يحسد نفسه – فيصيب نفسه بالعين لإعجابه بنفسه ، فلأن يصيب زوجته من باب أولى .
قال ابن القيم : وقد يعين الرجل نفسه .
2 – إن الرجل قد يصيب زوجته بالعين بنظره إليها وملاحظته جمالها والإعجاب بها حتى وإن لم يقل لها إنك جميلة ويستحب له أن يقول اللهم بارك فيها .
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ ( المخبأة : هي الفتاة في خدرها وهو كناية عن شدة بياضه ) فَلُبِطَ سَهْلٌ ( أي : صُرع وسقط على الأرض ) فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ قَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ: عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ لَهُ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءهُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ )
وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح .( انتهى).