العمل في صيانة أجهزة الصراف الآلي ليس حراما محضا كما أنه ليس حلالا محضا، بل جمع بين الحلال والحرام.
يقول الأستاذ الدكتور صلاح الصاوي ـ الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا:
الأصل في أعمال الصيانة أنها أعمال مشروعة ما دامت هذه الأجهزة موضع الصيانة لا تستعمل بالأصالة فيما هو محرم لذاته في الشريعة، فصيانة أجهزة الكومبيوتر مثلا عمل مشروع وإن كان بعض مستخدمي هذه الأجهزة قد يستخدمونها استخداما غير مشروع وتبقى المسؤولية بعد ذلك على من يباشر الحرام، وكل نفس بما كسبت رهينة، ولا تزر وازرة وزر أخرى، أما إذا كانت هذه الأجهزة تستخدم استخداما محرما بالأصالة كصيانة أجهزة القمار مثلا، أو الأجهزة التي تستخدم في تقطير الخمور ونحوه فإنها تكون محرمة بلا نزاع لما تتضمنه من الإعانة على الإثم والعدوان، ومثل ذلك إذا كان الأعم الأغلب على استخداماتها هو الاستخدام المحرم فعندئذ تحرم قطعا للذريعة إلى المحرمات وتجنبا للإعانة عليها، ولهذا تحدث أهل العلم عن تحريم بيع السلاح في الفتنة لغلبة الظن انه يستخدم في إراقة الدماء المعصومة، وتحدثوا عن حرمة بيع العنب لشركات الخمور مثلا لغلبة الظن أنه يستخدم في إنتاج الخمور التي حرمها الله ورسوله، وإن كان الأصل في بيع السلاح والعنب هو الحل كما هو ظاهر.
إذا تقرر ذلك فإنَّ أجهزة السحب الآلي ليست من جنس المحرم لذاته؛ لأن فكرة تمكين العملاء من سحب أموالهم متى شاءوا من الأعمال المشروعة إذا تمت بطريق مشروع، والبنوك الإسلامية تستخدم نفس الآلية مع عملائها وإن كانت ترتب عقودها معهم في إطار الشريعة، ولكن الفساد يأتي عند استخدام هذه الأجهزة في عمليات السحب على المكشوف من خلال بطاقات الائتمان ونحوه والبنوك الربوية تمارس كلا النوعين السحب من الحساب والسحب على المكشوف، وعلى هذا فلم يتمحض العمل في صيانة هذه الأجهزة حراما محضا، بل هو مما اختلط فيه الحلال بالحرام فالذي يظهر لي أنه يبقى على أصله من الحل مع شوبٍ من الكراهة [الشَّوْبُ:الخَلْطُ.] يزيد بزيادة معدل استخدام هذه الأجهزة في العمليات الربوية، وتبقى المسؤولية الكاملة على عاتق المستخدم لهذه الأجهزة.