العته عبارة عن خلل واختلاط في العقل يجعل صاحبه قريبا من المجنون ، وهو ليس بمجنون ، فتكون تصرفاته دائرة بين تصرفات العاقل وبين تصرفات المجنون ، فهو إنسان في عقله فساد لا جنون .
ومثل هذا يرى الجمهور أنه لا يكلف بالعبادات ، كما أن المجنون لا يكلف بها ، فلا تجب عليه صلاة ولا صيام ولا حج ، ولا الزكاة عند بعض الفقهاء ، وخالف في ذلك الإمام الدبوسي من الحنفية.
ولكن الجميع متفقون على أن المعتوه له أهليه استحقاق كالصبي المميز ، فيثبت له الإرث ، وما أتلفه يضمن في ماله.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
العته في اللغة : نقص العقل من غير جنون أو دهش ، والمعتوه: المدهوش من غير مس أو جنون .
والعته في الاصطلاح : آفة ناشئة عن الذات ، توجب خللا في العقل ، ويصير صاحبها مختلط العقل ، فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء ، وبعضه كلام المجانين .
ومثله الخبْل ( بالتسكين ) : الفساد والجنون ، ويكون في الأفعال والأبدان والعقول فيؤثر فيها ، ويلحق الحيوان فيورثه اضطرابا كالجنون والمرض . والخبل: الجن ، والخابل : الشيطان ، والخبال : الفساد ، ومنه قوله تعالى في التنزيل : { ما زادوكم إلا خبالا } وفي الحديث : { بين يدي الساعة خبل } أي : فساد الفتنة والهرج والمرج والقتل . والخبل والعته يشتركان في معنى وهو نقصان العقل في كل منهما .
وقريب من ذلك : الحمق ، وهو فساد العقل ، أو هو وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه . والحمق والعته يشتركان في فساد العقل وسوء التصرف .
وكذلك الإغماء، وهو : مرض يزيل القوى ويستر العقل ، وقيل : فتور عارض – لا بمخدر – يزيل عمل القوى.
والفرق بين العته والإغماء : أن الإغماء مؤقت ، والعته مستمر غالبا ، والإغماء يزيل القوى كلها ، والعته يضعف القوى المدركة .
وقد اعتبر جمهور الفقهاء أن العته يسلب التكليف من صاحبه ، وأنه نوع من الجنون ، وينطبق على المعتوه ما ينطبق على المجنون من أحكام ، سواء في أمور العبادات ، أو في أمور المال والمعاملات المتصلة به ، أو في العقود الأخرى كعقود النكاح والطلاق وغير ذلك من التصرفات الأخرى .
واستدلوا بقوله ﷺ : { رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل } وفي رواية : { عن الصبي حتى يبلغ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يبرأ } وفي رواية : { وعن المعتوه حتى يعقل } .
والجنون يؤثر في أهلية الأداء ، فهو مسقط للعبادات كالصلاة والصوم والحج . وفي زكاة مال المجنون خلاف ، مع مراعاة الفرق بين الجنون المطبق وغيره . وأما المعاملات ، فحكمه فيها حكم الصبي غير المميز ، فلا يعتد بأقواله لانتفاء تعقله للمعاني .
وأما أهلية الوجوب ، فلا يؤثر فيها الجنون ، فإن المجنون يرث ويملك لبقاء ذمته ، والمتلفات بسبب أفعاله مضمونة في ماله كالصبي الذي لم يصل إلى سن التمييز .
وخالف في ذلك الدبوسي من الحنفية ، فقال : تجب على المعتوه العبادات احتياطا .
قال ابن عابدين ـ من الحنفية ـ في حاشيته : وصرح الأصوليون : بأن حكم المعتوه كالصبي المميز العاقل في تصرفاته وفي رفع التكليف عنه وذكر الزيلعي مثل ذلك دون أن ينسبه إلى الأصوليين .