مزاولة السحر كبيرة من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله تعالى، والسحر له أنواع منها سحر المحبة وسحر التفريق، ولو حدث أن طلق الرجل زوجته تحت تأثير السحر، فإن كان الزوج طلق واستخرج وثيقة بالطلاق فلا سبيل إلى إلغائه إلا عن طريق القضاء، أما إن كان طلق مشافهة فالأمر يرجع إليه فإن كان يعي ما يقول فالطلاق واقع وإن كان لا يعي فلا يقع الطلاق .
يقول فضيلة الشيخ عبد الوهاب الديلمي – من علماء اليمن-:
استخدام السحر و تعاطيه لا يجوز و الساحر كافر عند طائفة من أهل العلم على الإطلاق ، و كافر إن كان السحر يؤدي إلى القتل عند بعضهم ؛ وهو من الكبائر و من السبع الموبقات كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز استخدامه في التفريق و لا في التوفيق قال تعالى “وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ .
و كذلك لا يجوز قصد الساحر لقول النبي صلى الله عليه وسلم :” من أتى كاهنًا أو عرافاً فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد” . فلا يجوز الذهاب الى السحرة .

و لكن لو حصل مثلاً أن رجلاً سحر ثم طلق زوجته بتأثير السحر ، فنحن لا نستطيع أن نحكم بهذه الدعوى وأن الطلاق كان بسبب السحر، لكن هذا الأمر يرجع فيه إلى القاضي الشرعي الذي يبحث القضية و ربما يبحث مع أهل الشأن الذين يعرفون مثل هذه الأمور ، فإذا تأكد للقاضي أن الرجل كان خارجًا عن اختياره في هذا الأمر، فمن حقه أن يبطل هذا الطلاق و لا يوقعه فقد جاء في الحديث لا طلاق في إغلاق ، والإغلاق هو الإكراه ، فإذا قال الإنسان كلمة لا يدركها و لا يعيها فهو كالمكره ـ كالذي يغضب غضبًا شديداً فيخرج عن حد الاختيار فيقول كلامًا لا يدري ما معناه و ما هو ، فهذا يدخل في هذا الباب ، فإذا طلق و هو لا يشعر أنه طلق و أنه مسحور وتأكد للقاضي ذلك فمن حقه أن يبطل هذا الطلاق، ويبقي على العلاقة الزوجية .

لكن يبقى موضوع الذهاب للساحر لفك السحر فلا يجوز ذلك لأن الأحاديث شديدة في الزجر في قصد الساحر ، و ما ينبغي إطلاقاً و هناك من الأدوية الشرعية والعودة إلى الله والتوبة النصوح و تلاوة القرآن والأذكار الشرعية، فالأولى للمسلم أن يلجأ إليها و أن لا يلجأ إلى السحرة لفك السحر . انتهى..

وجاء في كتاب كشاف القناع للبهوتي الحنبلي:
ومن أكره على الطلاق ظلما بما يؤلم كالضرب والخنق وعصر الساق والحبس والغط في الماء مع الوعيد فطلق تبعا لقول مكرهه لم يقع طلاقه رواه سعيد وأبو عبيد عن عثمان وهو قول جماعة من الصحابة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) رواه ابن ماجه والدارقطني قال عبد الحق إسناده متصل صحيح.
وعن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) رواه أبو داود وهذا لفظه وأحمد وابن ماجه ولفظهما في إغلاق قال المنذري : هو المحفوظ . والإغلاق الإكراه لأن المكره مغلق عليه في أمره مضيق عليه في تصرفه , كما يغلق الباب على الإنسان.

ولو سُحِر ليطلق كان إكراها، وهو أعظم الإكراهات، وإذا بلغ به السحر إلى أن لا يعلم ما يقول لم يقع به الطلاق لأنه لا قصد له إذن.