وضع الفقهاء قواعد للأحكام، ويخرج عن هذه القواعد بعض الاستثناءات منها حالة الضرورة، فقد يباح الشيء المحرم للضرورة، كأكل الميتة عند غلبة الظن في هلاك الإنسان ونحو ذلك ،ولكنهم ضبطوا قاعدة الضرورة بقاعدة أخرى، وهي: الضرورة تقدر بقدرها.

فقد جاء في كتاب درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر من فقهاء الحنفية:
ما أبيح للضرورة يتقدر بقدرها . أي أن الشيء الذي يجوز بناء على الضرورة يجوز إجراؤه بالقدر الكافي لإزالة تلك الضرورة فقط ، ولا يجوز استباحته أكثر مما تزول به الضرورة . مثلا : لو أن شخصًا كان في حالة الهلاك من الجوع يحق له اغتصاب ما يدفع جوعه من مال الغير لا أن يغتصب كل شيء وجده مع ذلك الغير ، كذلك جوز البيع بخيار التعيين في شيئين أو ثلاثة لا أزيد كأربعة أشياء أو خمسة ، إذ لا ضرورة تدعو للزيادة ; لأن ما أبيح للضرورة إنما يتقدر بقدرها ، كذلك لو أحدث شخص نافذة تشرف على مقر نساء الجيران فيؤمر بإزالة الضرر عن الجار بصورة تمنع الضرر فقط ، ولا يجبر صاحب النافذة على سدها بالكلية .

والضرورة : هي الحالة الملجئة لتناول الممنوع شرعا .
والحاجة : أما الحاجة فإنها وإن كانت حالة جهد ومشقة فهي دون الضرورة ، ولا يتأتى معها الهلاك فلذا لا يستباح بها الممنوع شرعا . مثال ذلك : الصائم المسافر بقاؤه صائما يحمله جهدا ومشقة فيرخص له الإفطار لحاجته للقوة على السفر .