يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر :

الصيام عبادة فيها نُبل إنساني وتشبيه بالملأ الأعلى، والصوم يُرَبِّي الإرادة الطاهرة ويغرس في النفس شعور المراقبة لحدود الله؛ فالصوم جُنَّة أي وِقاية تَقِي الناسَ مهالك الشرور والشهَوات.

وقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يكثر من الصيام مطلقًا بلا تقيُّد بزمن معين حتى قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ كما في صحيح مسلم: “كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم” ، فالمسألة راجعة إلى انشراح الصدر للعبادة والإقبال على الطاعة بلا ملَل أو فُتور.

وقد دار حوار طريف بين الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعبد الله بن عمرو بن العاص  وأخرجه مسلم في صحيحه قال: “أُخبِر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن عبد الله بن عمرو يقول: لأقومن الليلَ ولأصومن النهارَ ما عشتُ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: أنت الذي تقول ذلك؟ قال عبد الله بن عمرو: قد قلتُه يا رسول الله، فقال رسول الله: فإنك لا تستطيع ذلك، فصُم وأفطر، ونَم وقُم، وصُم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر، قال ابن عمرو: فإني أطيق أفضل من ذلك، قال الرسول الكريم، صم يومًا وأفطر يومين، قال ابن عمرو: فإني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله، قال ـ عليه الصلاة والسلام: صُم يومًا وأفطر يومًا وذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام، قال عبد الله: فإني أطيق أفضل من ذلك قال ـ عليه الصلاة والسلام: لا أفضلَ من ذلك”

وتدور الأيام ويَطُول عُمر عبد الله ويَعجَز عن المحافظة على ما التزمه به فيقول: “لأن أكون قَبِلت الثلاثة أيام التي قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحب إليَّ من أهلي ومالي. وفي رواية: “ودِدْتُ أني كنتُ قبلتُ رخصة نبي الله”.