الصلاة فرضت في مكة قبل الإسراء والمعراج، وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقوم من الليل حتى تتورم قدماه وقد أمره الله بهذا في سورة المزمل ، وهي من أول ما نزل من القرآن الكريم، أما الذي فرض ليلة الإسراء فهو الصلوات الخمس في اليوم والليلة ، لا الصلاة نفسها.

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر – رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر – رحمه الله تعالى – :
من الآيات التي رآها النبي (صلى الله عليه وسلم) في ليلة الإسراء ما رواه البزَّار والطبراني والبَيْهقي وصحَّحه في كتابه “دلائل النبوة” من حديث شداد بن أوس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما أُسرِي به مرَّ بأرض ذات نخْل، فأمره جبريل أن ينزل من فوق البُراق ليصلِّي، فصلَّى ثم أخبره أن المكان الذي صلى فيه هو يثرب أو طيبة، وإليها المهاجر، ثم أمره أن يصلِّي عندما مر بمُدَّين عند شجرة موسى، وهي التي استظل بها بعد أن سقى الغنم للمرأتين قبل أن يلتقي بأبيهما – كما قال بعض الشُّراح- ولمَّا مرَّ الركْب بطُور سَيْناء أمره أن يصلِّي أيضًا، وذلك حيث كلَّم الله موسى، وعند المرور ببيت لحم صلَّى أيضًا، وذلك حيث وُلِد عيسى ابن مريم.

هذا ما ورد بطريق صحيح كما ذكره البيهقي ولم أرَ حديثا صحيحًا عن صلاته في غير هذه الأماكن. وما رآه الرسول بهذه المناسبة بعضه ورد بطريق صحيح وبعضه الآخر بطريق غير صحيح، من ذلك ما رواه الطبراني والبزَّار والبَيْهقي وابن جرير وأبو يعلِي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أتى على وادٍ فوجد فيه ريحًا طيبة باردة كريح المسك، وسمع صوتًا وأخبره جبريل بأنه صوت الجنة تُبشر أهلها، ثم أتى على وادٍ فسمِعَ صوتًا منكرًا ووجد ريحًا منتنة، فأخبره جبريل بأنه صوت النار، ولكن لم يُحْكَم على هذه الرواية بالصحة أو الحسن أو الضعف، ومهما يكن من شيء فإن ذلك إذا كان ممكنًا عقلًا فإننا لا نكلَّف بالإيمانَ به، حيث لم يَرد نص صريح قاطع يُثبته، ورحلة الإسراء في حد ذاتها رحلة غريبة، ولها فضلها وشرفها، وليست في حاجة إلى إضافة شيء يَزيدها شرفًا بعد ما ورد من آثار صحيحة، وأُكرِّر التنبيه على عدم نسبة شيء إلى النبي(صلى الله عليه وسلم) هو منه بريء، فقد قال ” من كَذَبَ على متعمِّدًا فليتبوَّأْ مقعده من النار” رواه البخاري ومسلم.

أما الصلاة التي صلاها فقد تكون ركعتين؛ لأن الصلاة كانت قبل الإسراء ركعتين أول النهار وركعتين آخره، وقد تكون تطوُّعًا لله