تصح الصلاة أمام الإمام للضرورة على مذهب الإمام مالك وهذا تفصيل المسألة:
إن الصحيح من مذهب الحنفية أنه يصح اقتداء المأموم وبينه وبين الإمام حائط كبير لا يمكن الوصول منه إليه متى كان المأموم على علم بانتقالات الإمام بسماع أو رؤية. فالعبرة بعدم الاشتباه، لما روى أن النبي ﷺ كان يصلى فى حجرة عائشة رضى الله عنها والناس فى المسجد يصلون بصلاته.
وعلى هذا صح الاقتداء فى المساكن المتصلة بالمسجد الحرام وأبوابها من خارجه إذا لم يشتبه حال الإمام عليهم لسماع أو رؤية ولم يتخلل إلا الجدار – وذكر شمس الأئمة الحلواني أن من صلى على سطح بيته المتصل بالمسجد أو فى منزله بجنب المسجد وبينه وبين المسجد حائط مقتديا بإمام فى المسجد وهو يسمع التكبير من الإمام أو المكبر تجوز صلاته، لأنه إذا كان متصلا لا يكون أشد حالا من منزل بينه وبين المسجد حائط ولو صلى رجل فى مثل هذا المنزل وهو يسمع التكبير من الإمام أو المكبر يجوز فكذلك القيام على السطح – قال ابن عابدين وعلى هذا عمل الناس بمكة فإن الإمام يقف فى مقام إبراهيم وبعض الناس وراء الكعبة من الجانب الآخر وبينهم وبين الإمام الكعبة ولم يمنعهم أحد عن ذلك.
وحديث صلاته ﷺ فى حجرة عائشة والناس يصلون فى المسجد بصلاته مع العلم بأنهم ما كانوا متمكنين من الوصول إليه فى الحجرة يؤيد أن شرط صحة الاقتداء هو عدم اشتباه حال الإمام على المأموم، وفى هذا رخصة عظيمة وتيسير على الناس لاسيما فى حال ضيق المكان وذهب المالكية كما فى الشرح الصغير إلى جواز الجمعة فى الطريق المتصلة بالمسجد من غير فصل بنحو بيوت أو حوانيت بدون كراهة عند ضيق المسجد واتصال الصفوف، فإذا اتصل أحد الصفوف بالصف خارجه صحت صلاتهم وصلاة من وراءهم خارج المسجد مع وجود حائط المسجد .
وذهب الشافعية كما فى المجموع إلى جواز الاقتداء إذا كان بين الإمام والمأموم جدار المسجد والباب النافذ بينهما مفتوح فوقف المأموم فى قبالته، فلو لم يكن فى الجدار باب أو كان ولم يكن مفتوحا أو كان مفتوحا ولم يقف فى قبالته بل عدل عنه فوجهان – قيل لا يصح الاقتداء لعدم الاتصال، وقيل يصح ولو يكون الحائط حائلا سواء قدام المأموم أو عن جنبه
وذهب الحنابلة كما فى المغنى إلى أنه لو كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع مقربة الإمام أو من وراءه ففيه روايتان إحداهما لا يصح الاقتداء به والأخرى يصح، وقد سئل الإمام أحمد فى رجل يصلى خارج المسجد يوم الجمعة وأبواب المسجد مغلقة فقال أرجو أن لا يكون به بأس، وسئل عن رجل يصلى الجمعة وبينه وبين الإمام سترة فأجاب بالصحة إذا لم يقدر على غير ذلك، بل قال ابن قدامة إذا كان بينهما طريق أو نهر تجرى فيه السفن ففيه روايتان.ورجح القول بالصحة.وقال إنه مذهب مالك والشافعية – انتهى – ملخصا .
وعلى هذا تصح صلاة المأموم الذي بالطابق السفلي مقتديا بإمام فى الطابق العلوي متى كان المأموم يعلم انتقالات الإمام غير أن انفراد الإمام فى طابق والمأمومون فى طابق آخر مكروه عند الحنفية فلو كان معه بعض المأمومين لم يكره.