الصداع إن كان يسبب مشقة شديدة في الصيام ، فإنه يجوز لصاحبه أن يفطر على أن يقضي هذا اليوم ، فإن استمر معه فيمكن أن يطعم مسكينا ، أما إن كان بسيطا يمكن تحمله فلا يجوز له الفطر ، فأكثر العلماء ومنهم الأئمة الأربعة على أن المريض لا يجوز له أن يفطر في رمضان إلا إذا كان مرضه شديداً .
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد :
يجوز للمريض أن يفطر في رمضان ، لقول الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 .
وهذا في المرض الشديد الذي يحصل معه مشقة في الصيام .
أما المرض اليسير الذي لا يشق معه الصوم فلا يعتبر عذراً للفطر في رمضان .
فإذا كان الصداع يسبب مشقة شديدة في الصيام ، فإنه يجوز لصاحبه أن يفطر ويقضي الأيام التي أفطرها بعد رمضان .
وإذا كان هذا الصداع مستمراًّ معه بحيث لا يتمكن من القضاء فإنه يطعم عن كل يوم أفطره مسكيناً .
والمراد بالمرض الشديد :
1- أن يزداد المرض بسبب الصوم .
2- أن يتأخر الشفاء بسبب الصوم .
3- أن تصيبه مشقة شديدة ، وإن لم تحصل له زيادة في المرض ولا تأخر للشفاء .
4- وألحق به العلماء من يخشى حصول المرض بسبب الصيام .
وقال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” :
( وَالْمَرَضُ الْمُبِيحُ لِلْفِطْرِ هُوَ الشَّدِيدُ الَّذِي يَزِيدُ بِالصَّوْمِ أَوْ يُخْشَى تَبَاطُؤُ بُرْئِهِ . قِيلَ لأَحْمَدَ : مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ ؟ قَالَ : إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ . قِيلَ : مِثْلُ الْحُمَّى ؟ قَالَ : وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنْ الْحُمَّى ! .
وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى الْمَرَضَ بِالصِّيَامِ ، كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ زِيَادَتَهُ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ ؛ لأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ خَوْفًا مِمَّا يَتَجَدَّدُ بِصِيَامِهِ ، مِنْ زِيَادَةِ الْمَرَضِ وَتَطَاوُلِهِ ، فَالْخَوْفُ مِنْ تَجَدُّدِ الْمَرَضِ فِي مَعْنَاهُ ) اهـ .
وقال النووي في ” المجموع “:
( الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ لا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ . . . وَهَذَا إذَا لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِالصَّوْمِ وَلا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى حَالَةٍ لا يُمْكِنُهُ فِيهَا الصَّوْمُ ، بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا : شَرْطُ إبَاحَةِ الْفِطْرِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالصَّوْمِ مَشَقَّةٌ يُشَقُّ احْتِمَالُهَا ) أ.هـ
وذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز الفطر لكل مريض وإن لم تحصل له مشقة بسب الصوم .
وهو قول شاذ ردَّه جمهور العلماء كما قال النووي :
وَأَمَّا الْمَرَضُ الْيَسِيرُ الَّذِي لا يَلْحَقُ بِهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ بِلا خِلافٍ عِنْدَنَا أ.هـ المجموع (6/261) .
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
المريض الذي لا يتأثّر بالصوم ، مثل الزكام اليسير ، أو الصداع اليسير ، ووجع الضرس ، وما أشبه ذلك ، فهذا لا يحلّ له أن يُفطر ، وإن كان بعض العلماء يقول : يحلّ له للآية : ( أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة : 184، ولكننا نقول : إن هذا الحكم معلّل بعلّة وهي أن يكون الفطر أرفق به ، أما إذا كان لا يتأثّر فإنّه لا يجوز له الفطر ، ويجب عليه الصوم أ.هـ .