لا يلزم القضاء مع الشك ، ويكفي العمل بغلبة الظن.
والعمل بغلبة الظن في العبادات ورد به الشرع ، فمن ذلك قوله ﷺ : ( إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ) رواه البخاري (401) ومسلم (572)
قال النووي:
فِيهِ دَلِيل لِأَبِي حَنِيفَة – رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى – وَمُوَافِقِيهِ مِنْ أَهْل الْكُوفَة وَغَيْرهمْ مِنْ أَهْل الرَّأْي عَلَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي صَلَاته فِي عَدَد رَكَعَات تَحَرَّى وَبَنَى عَلَى غَالِب ظَنّه, وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلّ وَالْإِتْيَان بِالزِّيَادَةِ وَظَاهِر هَذَا الْحَدِيث – حُجَّة لَهُمْ اهـ.
وصحح شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (23/5-16) أن المراد بالتحري في هذا الحديث العمل بغلبة الظن ، وضعف ما قاله بعض العلماء من أن المراد العمل باليقين وهو البناء على الأقل ، كما لو شك هل صلى ركعتين أم ثلاثا فيجعلها ركعتين.
وقال الشيخ ابن عثيمين في منظومته في قواعد الفقه وأصوله:
وإن تعذر اليقين فارجعا لغالب الظن تكن متبعاً
والمعنى أن الإنسان إذا لم يمكنه العمل باليقين فإنه يعمل بغلبة الظن.
فإذا كان يغلب على ظنك أنك قضيت فلا شيء عليك ، ولا يلزمك قضاء هذه الأيام مرة أخرى.
أما لو شكت المرأة هل قضت ما عليها أم لا ؟ ولم يغلب على ظنها أحد الأمرين فإنه يلزمها القضاء.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص372) إذا أفطرت المرأة أياما من رمضان ولكنها نسيت : هل صامت تلك الأيام أم لا ؟ علما أن كل ما تذكره أنه لم يبق عليها إلا يوم واحد ، فهل تعيد صيام تلك الأيام أم تبني على ما تتيقنه ؟
فأجاب: –
إذا كانت لم تتيقن أن عليها إلا يوما واحدا فإنه لا يلزمها إلا صيام يوم واحد ، ولكن إذا كانت تتيقن أن عليها يوما واحدا ، ولكنها لا تدري أصامته أم لا ؟ وجب عليها أن تصومه ، لأن الأصل بقاؤه في ذمتها ، وأنها لم تبرئ ذمتها منه فيجب عليها أن تصومه ، بخلاف ما إذا شكت : هل عليها صوم يوم أو يومين ؟ فإنه لا يلزمها إلا يوم ، وأما من علمت أن عليها صوم يوم أو أكثر ولكنها شكت هل صامته أم لا فإنه يجب عليها أن تصومه ، لأن الأصل بقاؤه اهـ.