روى البخاري ومسلم أن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: أتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخلاء ـ فَوَضَعْتُ له وَضُوءًا ـ مَاء يتطهر به ـ فلمَّا خرج قال: ” مَن وضع هذا” ؟ فأُخْبر، فقال:” اللهم فقِّهه في الدِّين”، وثبت في صحيح مسلم أنه قال لأبى قتادة لملاحظته له في السفر: “حَفِظَك الله بما حَفِظْتَ به نَبِيَّه”، ورَوى الترمذي بإسناد قال عنه: حسن صحيح قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ” مَن صُنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا فقد أبلغ في الثناء” ورَوي النسائي وابن ماجة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استقرض من عبد الله بن أبى ربيعة أربعين ألفًا، فلما دفع إليه القرض دعا له وقال: “بارَك الله لك في أهلك ومالك، إنما جزاء السَّلَف الحمد والأداء”.

ومن السًّنة إذا صُنع للإنسان معروف أن يكافئ فاعله بمثل معروفه أو أحسن، بناء على قوله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) (سورة النساء:86 ) لكن ربما لا يستطيع الإنسان أن يقوم بذلك، وهنا يكفى أن يشكر الفاعل ويدعو له بالخير، فقد ورد في ذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ “مَن اصطنع إليكم معروفًا فجازوه، فإن عجزتم عن مجازاته فادعوا له حتى تعلموا أن قد شكرتم فإن الله شاكر يحب الشاكرين” رواه أبو داود والنسائي ورواه الطبراني باللفظ المذكور وروى أبو داود والنسائي أن المهاجرين قالوا: يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله، ما رأينا قومًا أحسن بَذْلًا لكثير ولا أحسن مواساة في قليل منهم، ولقد كَفَوْنا المُؤْنَة، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ” أليس تُثْنون عليهم به وتدعون لهم”؟ قالوا: بلى، قال: “فذاك بذاك”.

فإذا كان صانع المعروف غير مسلم كيف نشكره وندعو له؟

والإجابة: أن يُدعى له بالهداية وصحة البدن والعافية، بدليل ما رواه ابن السُّني أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ استقى ـ يعنى طلب ماء يَشربه – فسقاه يهودي، فقال له: ” جمَّلك الله” فما رأى الشيب حتى مات.