الشجرة الملعونة فى القرآن يراد بهاـ والله أعلم بمراده ـ على الرأي الراجح لدى المفسرين شجرة الزقوم أعاذنا الله منها وقد فسرها بعض المفسرين المحدثين بأنها شجرة اليهود أي نسلهم ولادليل على ذلك.
يقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى:
(‏وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ‏) ‏
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم محرضا له على إبلاغ رسالته ومخبرا له بأنه قد عصمه من الناس فإنه القادر عليهم وهم في قبضته وتحت قهره وغلبته.

قال مجاهد وعروة بن الزبير والحسن وقتادة وغيرهم في قوله “وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس” أي عصمك منهم وقوله “وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس” الآية قال البخاري حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس “وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس” قال هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به “والشجرة الملعونة في القرآن” شجرة الزقوم وكذا رواه أحمد وعبدالرزاق وغيرهما عن سفيان بن عيينة به وكذا رواه العوفي عن ابن عباس.

وهكذا فسر ذلك بليلة الإسراء مجاهد وسعيد بن جبير والحسن ومسروق وإبراهيم وقتادة وعبدالرحمن بن زيد وغير واحد.

وقد ورد أن ناسا رجعوا عن دينهم بعد ما كانوا على الحق لأنه لم تحمل قلوبهم وعقولهم ذلك فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وجعل الله ذلك ثباتا ويقينا لآخرين ولهذا قال “إلا فتنة” أي اختبارا وامتحانا وأما الشجرة الملعونة فهي شجرة الزقوم لما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار ورأى شجرة الزقوم فكذبوا بذلك حتى قال أبو جهل عليه لعائن الله هاتوا لنا تمرا وزبدا وجعل يأكل من هذا بهذا ويقول تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذا حكى ذلك ابن عباس ومسروق وأبو مالك والحسن البصري وغير واحد وكل من قال إنها ليلة الإسراء فسره كذلك بشجرة.

ولهذا اختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم قال لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك أي في الرؤيا والشجرة وقوله “ونخوفهم” أي الكفار بالوعيد والعذاب والنكال “فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا” أي تماديا فيما هم فيه من الكفر والضلال وذلك من خذلان الله لهم.

ويقول الإمام القرطبي

‏وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ‏ ‏
فيه تقديم وتأخير; أي ما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس.

وفتنتها أنهم لما خوفوا بها قال أبو جهل استهزاء: هذا محمد يتوعدكم بنار تحرق الحجارة, ثم يزعم أنها تنبت الشجر والنار تأكل الشجر, وما نعرف الزقوم إلا التمر والزبد, ثم أمر أبو جهل جارية فأحضرت تمرا وزبدا وقال لأصحابه: تزقموا.

وقد قيل: إن القائل ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد ابن الزبعرى حيث قال: كثر الله من الزقوم في داركم, فإنه التمر بالزبد بلغة اليمن.

وجائز أن يقول كلاهما ذلك.

فافتتن أيضا لهذه المقالة بعض الضعفاء, فأخبر الله تعالى نبيه عليه السلام أنه إنما جعل الإسراء وذكر شجرة الزقوم فتنة واختبارا ليكفر من سبق عليه الكفر ويصدق من سبق له الإيمان.