الأولى بالفتاة أن تبني اختيارها لزوجها على العقل؛ لا على العاطفة وحدها، وأن تأخذ برأي الأبوين في اختيار الزوج، لأنه من السهل أن تنخدع بالكلمات المعسولة والوعود البراقة، ثم تصدم بالواقع المرير، ويجب على أولياء الأمور إعتبار رغبة الفتاة وعدم تجاهلها، لأنها هي التي ستعاشر زوجها، فلا يجوز زواجها بغير رضاها ، كما ينبغي أخذ رأي الأم في تزويج بنتها.

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :

مسألة الحب والعواطف، يبدو أنها كثرت في هذه الأيام، نتيجة للتمثيليات والروايات والقصص والأفلام وغيرها .. فأصبح البنات متعلقات بمثل هذه الأمور، وأنا أخشى أن كثيرًا منهن يُخدعن بهذه العواطف، ويُضحك عليها، وخاصة إذا كانت في سن المراهقة والبلوغ، والقلب خال، والكلام المعسول إذا صادف قلبًا خاليًا تمكن فيه.

وهناك بعض الشبان يفعلون هذا مخادعين – مع الأسف – أو يتلذذون بهذا الأمر . ويتباهون في مجالسهم، بأن أحدهم استطاع أن يكلم اليوم الفتاة الفلانية، وغدًا يكلم أخرى وبعد غد سيكلم ثالثة . . . وهكذا.

فنصيحتي إلى الفتيات المسلمات ألا ينخدعن بهذا الكلام، وأن يستمعن إلى نصائح الآباء وأولياء الأمور والأمهات، وألا يدخلن على حياة زوجية بمجرد العاطفة، ولكن لا بد من وزن الأمور كلها بميزان العقل أولا، هذا من ناحية.

وأيضًا أقول لأولياء الأمور إن عليهم أن ينظروا في رغبات بناتهم، فلا ينبغي للأب أن يضرب برغبة ابنته عرض الحائط، ويجعلها كمًا مهملاً، ثم يزوجها بمن يريد هو لا بمن تريد هي فتدخل حياة زوجية وهي كارهة لها، مُرغمة عليها ؛ ذلك لأن الأب ليس هو الذي سيعاشر الزوج، وإنما هي التي ستعاشره، فلا بد أن تكون راضية .

وهذا لا يقتضي ضرورة العلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة قبل الزواج، إنما على الأقل، أن تكون مستريحة إليه راضية به.

ومن هنا، يأمر الإسلام بأن ينظر الخاطب إلى مخطوبته، ويراها وتراه، ” فإن ذلك أحرى أن يؤدم بينكما ” كما جاء في الحديث.

الشرع الإسلامي يريد أن تقوم الحياة الزوجية على التراضي من الأطراف المعنية في الموضوع كله . الفتاة تكون راضية، وعلى الأقل تكون لها الحرية في إبداء رغبتها ورأيها بصراحة، أو إذا استحيت تبديه بما يدل على رضاها، بأن تصمت مثلاً ؛ كما في الحديث: ” البكر تستأذن وإذنها صماتها، والأيم أحق بنفسها ” ، أي التي تزوجت مرة قبل ذلك، لا بد أن تقول بصراحة: أنا راضية وموافقة .

أما البكر فإذا استؤذنت، فقد تستحي، فتصمت، أو تبتسم، وهذا يكفي . ولكن إذا قالت: لا . أو بكت، فلا ينبغي أن تُكره ، فالنبي صلى الله عليه وسلم رد زواج امرأة زُوِّجت بغير رضاها .

وجاء في بعض الأحاديث أن فتاة أراد أبوها أن يزوجها وهي كارهة، فاشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأراد منها أن تُرضي أباها مرة ومرتين وثلاثًا، فلما رأى إصرارها قال: افعلي ما شئت، فقالت: أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن يعلم الآباء أنه ليس لهم من الأمر شيء.

فالذي أُنبِّه إليه في هذا الصدد بأنه لا بد للفتاة أن ترضى، ولولي أمرها أن يرضى، وهذا ما اشترطه كثير من الفقهاء، فقالوا بوجوب موافقة ولي الأمر حتى يتم النكاح ، بناء على ما جاء في الحديث ” لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ” و” وأيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل “.

وكذلك ينبغي رضا الأم . كما في الحديث ” آمروا النساء في بناتهن ” لأن الأم تعرف رغبة بنتها، وبهذا تدخل الفتاة حياتها الزوجية وهي راضية، وأبوها راض، وأمها راضية، وأهل زوجها راضون، فلا تكون بعد ذلك حياة منغصة ومكدرة.

فالأولى أن يتم الأمر على هذه الصورة، التي يريدها الشرع الإسلامي الشريف .