زواج المسلم من النصرانية جائز بضوابطه، ومع الجواز فتزوجها مكروه ، ويفضل للمسلم أن يتزوج بمسلمة ، كما يفضل له اختيار المسلمة الصالحة دون الفاسقة .
ونصارى هذه الأيام كغيرهم من نصارى العصور السابقة، هم في حقيقتهم كفار مشركون، ولكن يعاملون معاملة خاصة باعتبار ما يعتقدون من أنهم أهل كتاب، وقد راعى الله تعالى ذلك في تشريعه الذي يحكم معاملاتنا معهم فأباح لنا تزوج نسائهم وأكل ذبائحكم رغم أنه حكم عليهم بالشرك فقال : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) وقال:( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)، وقال : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إله واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ).

وإذا تزوج المسلم نصرانية فلا يجب على الزوج أن يجبرها على أن تسلم، بل لا يجوز له ان يجبرها، إذ لا إكراه في الدين ، ولكن عليه أن يحببها في الإسلام بسلوكه قبل قوله ، فإذا شرح الله صدرها للإسلام فبها ونعمت ، وإلا فلا يكرهها على الإسلام ، وتبقى زوجة له على دينها.
ففى كتاب ” الهداية ” ـ من كتب الحنفية ـ:  ويجوز تزوج الكتابيات لقوله تعالى: {‏ والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب }‏ المائدة : ‏5 ، والمحصنات هن العفائف ، قال فى الفتح ـ أي : فتح القدير، وهو من كتب الحنفية أيضا ـ :‏ والأولى أن لا يفعل إلا للضرورة “‏ .

هل يجوز للمسلم أن يتزوج غير المسلمة:

استعرض المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث موضوع “الزواج من غير المسلمة” والأبحاث التي تناولته، وبعد المداولة والنظر قرر ما يلي:-

أولاً: الكتابية، هي: من تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة – في الجملة – بالله ورسالاته والدار الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.

وقد ذهب جمهور علماء المسلمين إلى إباحة الزواج من الكتابية، لقوله تعالى في سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم: (اليوم أحل لكم الطيبات، وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان)[المائدة: 5 ].

وذهب بعض السلف إلى كراهة أو منع الزواج من الكتابية كعبدالله بن عمر من الصحابة، والصواب رأي الجمهور لصراحة الآية.

ثانياً: ضوابط يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية:

الأول: الاستيثاق من كونها “كتابية” على المعنى المتقدم ذكره.

ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلاً مسيحية. ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة. فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.

الثاني: أن تكون عفيفة محصنة، فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان. والإحصان هو العفة عن الزنا كان ذلك أصالة أو بتوبة.

الثالث: ألا تكون من قوم معادين للإسلام وأهله ما لم يثبت أنها ليست على موقف قومها. قال تعالى: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) [المجادلة: 22]، والزواج يوجب المودة كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) [الروم: 21].

الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًا منعت منعًا عامًا، أو ضررًا خاصًا منعت منعًا خاصًا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال : “لا ضرر ولا ضرار .

الضرر من الزواج من غير المسلمة:

الضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة:

-منها: أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج.

-ومنها: أن يتساهل بعض الناس في مراعاة شرط الإحصان – العفاف – الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن.

-ومنها: الخوف على الذرية من الانحراف، وما يلحق من عواقب في حق الزوج في حياته بتأثره بما عليه زوجته غير المسلمة، والتصرف ببدنه وتركته بعد موته.