الزواج من زوجة العم جائز لأن زوجة العم ليست من المحارم المؤقتة ولا المؤبدة.
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة:
إن الله تبارك وتعالى يقول: (ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلاً) [الآية 22 من سورة النساء] فمن هذه الآية الكريمة كان الاستدلال التام على منع نكاح الأبناء حلائل الآباء، فالله تعالى حرم زوجات الآباء على الأبناء تكرمة للآباء وإعظامًا واحترامًا أن توطأ زوجة الأب من بعده حتى أنها لتحرم على ولده بمجرد العقد عليها، وهذا أمر مجمع عليه وروى ابن أبي حاتم بسنده (عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار قال: لما توفى أبو قيس – يعني ابن السلت وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيس امرأته، فقالت: إنما أعدك ولدًا، وأنت من صالحي قومك ولكني أتي رسول الله ﷺ، فقالت: إن أبا قيس توفي، فقال خيرًا، ثم قالت: إن ابنه قيسًا خطبني وهو من صالحي قومه. وإنما كنت أعده ولدًا فما ترى، فقال لها ارجعي إلى بيتك قال “فنزلت (ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء) [الآية] وعليه فالآية الكريمة نصت على تحرم زوجة الأب أن يتزوجها ابنه، فخرج من هذه الحرمة زوجة العم، فإن لها بعد إنقضاء عدتها من وفاته، أو من طلاقها منه حال حياته أن تتزوج من ابن أخيه، والقول بأن العم والد، فذاك من باب توقيره كالأب وإجلاله واحترامه وإعظامه لا من باب تحريم زوجته على ولد أخيه بعد وفاته أو تطليقه لها.
وحكمة تحريم زوجات الآباء على الأبناء حتى بمجرد العقد عليهن ولو لم يدخلوا بهن، أن ذاك الزواج جمع ألوانًا من القبح ثلاثة، صرحت بها آية التحريم فقالت (إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلاً) يقول الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى مراتب القبح ثلاث: القبح العقلي. والقبح الشرعي، والقبح العادي، وقد وصف الله هذا الزواج بكل ذلك، فقوله سبحانه: “وفاحشة”. إشارة إلى مرتبة قبحه العقلي، وقوله سبحانه (ومقتًا) إشارة إلى مرتبة قبحه الشرعي. وقوله تعالى (وساء سبيلاً) إشارة إلى مرتبة قبحه العادي “وعليه فزواج جمع تلك المراتب من القبح زواج محرم، ينفر منه الطبع السليم والفطرة الإنسانية السوية. وليس الأمر كذلك بالنسبة للزواج من نساء الأعمام بعد الموت عنهن أو تطليقهن وانقضاء عدتهم.