اختلف العلماء في حكم زواج الزانية، وأرجح الأقوال فيها أنه لا يجوز الزواج بها إلا بعد توبتها، هذا إذا لم تكن حاملا، فإن كانت حاملا من الزنى فلا يجوز لغير من زنى بها أن يعقد عليها فيدخل بها ، وأما العقد عليها دون دخول ففيه خلاف.
يقول الشيخ عطية صقر– رحمه الله- :
روى مسلم ” ج 10 ص 14 ” عن أبى الدرداء أن النبى ﷺ أتى بامرأة مُجِح – أى حامل قربت ولادتها – على باب فُسطاط فقال ” لعله يريد أن يُلمَّ بها ” أى يتزوجها ، فقالوا : نعم ، فقال رسوله الله ﷺ “هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره ، كيف يورثه وهو لا يحل له ، كيف يستخدمه وهو لا يحل له ”
وروى الترمذى ، وحسنه ، وغيره من حديث ، رويفع بن ثابت أن النبى ﷺ قال ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقى ماءه ولد غيره “أى لا يتزوج امرأة حاملا حتى تضع حملها وتنتهى عدتها من زوجها السابق .
قال العلماء فى نكاح الحامل :لو كان الحمل من زنا ففى صحة العقد قولان : أحدهما بطلانه ، وهو مذهب أحمد ومالك وجمهور العلماء ، والقول الثانى صحته ، وهو مذهب الشافعى وأبى حنيفة ، ولكن لا يدخل بها إلا بعد وضع الحمل ، لحديث النهى عن سقى زرع غيره .
جاء فى السنن عن سعيد بن المسيب عن بصرة بن أكثم قال : تزوجت امرأة بكرا في سترها فدخلت عليها فإذا هى حبلى، فقال النبى ﷺ ” لها الصداق بما استحللت من فرجها ، والولد لك ، وإذا ولدت فاجلدوها ” وفرق بينهما ” زاد المعاد ج 4 ص 4 ” .
وحكمه بعبودية الولد قيل منسوخ ، وقيل ليس المراد الرق وهو ضد الحرية ولكن المراد أن يكون خادما .
هذا ، وقد يحصل أن يزنى رجل بامرأة فتحمل منه ثم يتزوجها إما سترا عليها وتوبة إلى الله ، وإما لغرض آخر، وهنا يصح العقد عليها على رأى الشافعى وأبى حنيفة ويجوز له وطؤها ، لأن الحمل منه وليس فيه سقى زرع غيره بمائه ، أما من تزوج بمن زنى بها غيره وكانت حاملا فقد سبق حكمه .
والزواج من الزانية فيه خلاف للعلماء ، فقد حرمه بعضهم إذا كانت مشتهرة بالزنى ، وأجازه البعض إذا علم توبتها كما رآه ابن القيم فى بدائع الفوائد ” ج 4 ص 103 “.