الزواج المدني الذي لا تعتبر فيه شروط الزواج الشرعي باطل، وذلك إذا كان مجرد اتفاق في قسم الشرطة، مع عدم مراعاة حقوق الزوجية، ولا يعتد بهذا الزواج في مثل هذه الصورة، وهو محرم شرعا،لا يجوز فعله .
أما إن كان المقصود من ذلك هو توثيق عقد الزواج قانونيا، وقد استوفى العقد شروط النكاح، فهذا زواج صحيح شرعا.
حكم الزواج المدني؟
يقول الدكتور وهبة الزحيلي-رحمه الله تعالى- أستاذ الشريعة بالجامعات السورية في صورة الزواج الذي يكون صوريا دون التزام حقوق الزوجية:
هذا الزواج شائع في البلاد الغربية، لأنه مجرد رباط كبقية العقود المالية، ويخلو من مراعاة الشروط التي تتناسب مع كرامة الإنسان، وهو في الواقع خالٍ من الالتزام بحقوق الزوجية السليمة .
ونظرة الشرائع الدينية كلها الإسلامية وغيرها نظرة ريب ونفور ومَقْت وتحريم، لأن الزوجين يتفقان على مجرد الارتباط في قسم الشرطة مثلاً، دون التزام بأحكام الزواج وآثاره، لا عند الانعقاد ولا عند الفسخ والانهيار، تلك الأحكام التي تقررها الشريعة الإلهية والقوانين النافذة .
وفيه مخالفات شرعية إسلامية صارخة، إذ يمكن أن يقوم هذا الزواج بين امرأة مسلمة وغير مسلم، والله تعالى أبطل هذا الزواج وأجمع العلماء والأمة الإسلامية على بطلانه وأنه زنا وفاحشة، والأولاد أولاد حرام، لقوله تعالى: (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (البقرة : 221 ) (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ). (الممتحنة: 10 )
إن محاولة إقرار هذا الزواج في بعض البلاد العربية بحجة إلغاء الطائفية وصهر الفوارق الدينية، أمر خطير، لا يتفق مع شرع الله ولا دينه، بل إن مختلف الطوائف الدينية الإسلامية من سنة وشيعة، وغير الإسلامية كالنصارى، رفضت هذا الزواج، وأنكرته، فهو إذن منكر وفاحشة وباطل. انتهى
الزواج الشرعي الصحيح؟
يقول سماحة المستشار الشيخ فيصل مولوي –رحمه الله تعالى- نائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء:
إن عقد الزواج القانوني الذي يعقد في أي بلد غير إسلامي يعتبر عقداً شرعياً إذا تمّ بين زوجين لا يوجد هناك مانع شرعي من الزواج بينهما ؛ لأن الركن الأول في عقد الزواج الشرعي، وفي أي عقد شرعي آخر هو الإيجاب والقبول من الطرفين. وهذا متوفّر في عقد الزواج القانوني كما يتوفّر فيه عادة الإعلان. أما شرط الشاهدين فهو عند بعض المذاهب لضمان إعلان الزواج وهذا حاصل. وأمّا شرط موافقة الولي فهو غير مجمع عليه بين المذاهب، وإذا وقع فهو تأكيد لشرعية الزواج القانوني .
إلاّ أن المسألة الوحيدة التي يمكن أن تجعل الزواج القانوني الأوروبي غير شرعي هي مسألة عدم مراعاة الموانع الشرعية. فلا يجوز مثلاً من الناحية الشرعية أن يتزوّج الرجل أخته من الرضاعة .
ويجوز ذلك في القوانين الأوروبية. فإذا وقع مثل هذا الزواج في أي بلد أوروبي فلا يمكن اعتباره زواجاً شرعياً نظراً لوجود المانع الشرعي .
أمّا إذا وقع الزواج القانوني بين رجل وامرأة لا يوجد مانع شرعي من زواجهما، فإن هذا الزواج يمكن اعتباره زواجاً شرعياً، ومثل هذا الزواج يمكن أن تعترف به المحاكم الشرعية في بلادنا الإسلامية .
أما إذا كان الزواج القانوني في أوروبا جرى بين شخصين لا يوجد مانع شرعي من زواجهما، فإن المعاشرة الزوجية بناءً على هذا العقد تكون جائزة .
وفي حالة وجود مانع شرعي من موانع الزواج تكون المعاشرة الزوجية حراماً .
ويقوم العقد القانوني مقام عقد الزواج الإسلامي في حال عدم وجود الموانع الشرعية، وخاصّة فيما إذا كان الزوجان من الجنسية الأوروبية .
أمّا إذا كان أحدهما أو الاثنان من جنسية إحدى البلاد الإسلامية فيجب أن يعقد الزواج في هذا البلد الإسلامي، وذلك لضمان خضوع الزوجين للأحكام الشرعية المتعلّقة بآثار هذا الزواج ونتائجه كالطلاق والحضانة والميراث وغيرها .
وإذا كان الزوجان أو أحدهما من جنسية إحدى البلاد الإسلامية وعقدا زواجاً قانونياً في أوروبا فهو زواج صحيح من الناحية الشرعية ولا تعتبر المعاشرة بينهما حراماً، ولكنّهما يأثمان لرضاهما بالاحتكام إلى شريعة غير إسلامية مع قدرتهما على الخضوع للأحكام الشرعية .
أما الذي يعاشر زوجته بناءً على العقد القانوني الأوروبي يقوم بعمل مباح إذا لم يكن هناك مانع شرعي من موانع هذا الزواج وسواء كان يعلم الفرق بين العقدين أو يجهل هذا الفرق .