الزواج المبكر ليس حراما ولا مكروها شرعا ، بل هو مستحب مندوب ، كما أمر النبي ﷺ الشباب فقال : “يامعشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج . ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” أي : قاطع للشهوة.
ويقول الله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
الزواج بسبب الإحساس بالرغبة
وبالنسبة لقضية الرغبة في الزواج كحل للإحساس بالرغبة فهو الحل الأمثل، وله فوائد كثيرة . ولكن الأمور لا تؤخذ ببساطة؛ لأنه حتى في عهد النبي ـ ﷺ ـ تحدث عن الاستطاعة كطريق للزواج… وقال : “من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم”.
إذن فعدم الاستطاعة أمر كان موجودًا ومعترفًا ووضع له النبي حلا هو الصيام، ولم يقفز النبي فوق الواقع أو الحقائق، ويقول: يجب أن يتزوج الشاب حتى ولو كان غير قادر أو مستطيع.
حكم تزويج الآباء للأبناء
اختلف العلماء في حكم تزويج الآباء للأولاد ، والأكثرون على أنه لايجب ، وأن الأمر في الآية للندب.
-قال ابن كثير فى تفسيره : اشتملت هذه الآيات الكريمات المبينة على جمل من الأحكام المحكمة والأوامر المبرمة فقوله تعالى (وأنكحوا الأيامي منكم) إلى آخره هذا أمر بالتزويج.
الأيامي جمع أيم ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له وسواء كان قد تزوج ثم فارق أو لم يتزوج واحد منهما حكاه الجوهري عن أهل اللغة يقال رجل أيم وامرأة أيم.(انتهى)
-وقال القرطبي :
هذه المخاطبة تدخل في باب الستر والصلاح ، أي زوجوا من لا زوج له منكم فإنه طريق التعفف.
والخطاب للأولياء. وقيل للأزواج. والصحيح الأول ، إذ لو أراد الأزواج لقال “وانكَحوا” بغير همز, وكانت الألف للوصل.
اختلف العلماء في هذا الأمر على ثلاثة أقوال، فقال علماؤنا: يختلف الحكم في ذلك باختلاف حال المؤمن من خوف العنت، ومن عدم صبره، ومن قوته على الصبر وزوال خشية العنت عنه.
وإذا خاف الهلاك في الدين أو الدنيا أو فيهما فالنكاح حتم .انتهى .
فهذا الأمر الموجه للأولياء بتزويج الأولاد ليس للوجوب عند كل العلماء ، فمنهم من قال بأنه للندب والاستحباب .
هل يجب على الأب أن يزوج ابنه
يقول الشيخ عطية صقر ، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
لا يجب على الوالد أن يزوج ولده أو يساعده في زواجه، فذلك مندوب فقط، والحج للقادر عليه لأول مرة واجب.
-وعلى الولد أن يصبر حتى يغنيه الله ويستطيع الزواج، كما قال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله} [سورة النور: 33] وكما قال النبي -ﷺ: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” أي قاطع، رواه مسلم. والباءة هي تكاليف الزواج.
-وإذا كان الولد محتاجًا إلى الزواج ليعف نفسه فعليه أن يتزوج من وسط يتناسب مع قدرته ومستواه المادي، وفي النساء كثيرات يوافقن على ذلك بدون مغالاة في المهور والجهاز. (انتهى)
-ويمكن الجمع بين الرأيين بأن تزويج الأولاد يجب إذا تعين مانعا من الوقوع في الزنا ، ولم يقدر عليه الولد ، وكان الأب قادرا على التزويج ، وإلا فهو مستحب .
وعليه : فإن كان تبكير الزواج مندوبا لما فيه من الفوائد ، إلا أنه لا يلزم الأولياء . وعلى الأولاد أن يصبروا ويتعففوا ويستعينوا بالصوم . وأن يقنعوا باليسير من السكن و تجهيزات الزواج ، فلقد أصبحت كثرة متطلبات الزواج الحديث مانعا منه وسببا في تأخيره.