الزنى ـ في نظر الإسلام ـ جريمة اجتماعية مُنْكَرة، يقول الله ـ تعالى ـ: (ولاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء: 32) فوصفه القرآن أولاً: بأنه فاحشة، أي أمر تجاوز الحَدَّ في عدم القَبول له،
ووصفه ثانيًا: بأنه سبيل سيِّئ في الحياة. وهذا الوصف، وذاك يعبِّران عن خطر ارتكابه على المقترِف له وعلى المجتمع الذي يعيش فيه كذلك؛ لأن ضرره كما يُصيب الزاني والزانية ـ وهو ضرَر معنوي وقد يكون مع ذلك مادِّيًّا أيضًا ـ يُصيب المجتمع فيما قد يأتي منه من نسل يباشِر الإجرام في المجتمع بسبب إحساسه بالنقص في الاعتبار ونَفْرة الآخرين منه. ولهذا كانت العقوبة المقرَّرة للزاني والزانية تنفَّذ على مشهد مجموعة من الناس نيابة عن المجتمع كصاحب حقٍّ اعتُدِيَ عليه:
(الزّانِيةُ والزّانِي فاجْلِدوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مائةَ جَلْدةً ولاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤمِنونَ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِولْيَشْهَدْ عَذابَهما طائفةٌ مِنَ المُؤمنينَ) (النور: 2).
ويُعَظِّم أمر هذه الجريمة إذا وقعت في رمضان.. شهر الهداية والقرآن: (شَهْرُ رَمضانَ الذِي أُنزلَ فيه القرآنُ هُدًى للنّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدَى والفُرقانِ) (البقرة: 185)؛
إذ في مباشرتها انتهاك لحُرْمَته وما يجب له من توقير وإخلاص فيه لله وحده.
ولو تاب مرتكب هذه الجريمة الاجتماعية، وأخلص في توبته بالإصرار على عدم العودة لمباشرتها مره أخرى ـ فإن الله قد وعد بأن يغفر له ذنبه، على نحو ما جاء في قوله تعالى ـ: (وسَارِعُوا إلى مَغفِرة مِنْ رَبِّكُمْ وجَنّةٍ عرْضُها السَّمواتِ والأرْضِ أُعِدَّتْ للمُتَّقِينَ. الذِينَ يُنْفِقونَ في السَّرّاء والضَّرّاء والكاظِمينَ الغَيْظَ والعَافينَ عَنِ النّاسِ واللهُ يُحِبُّ المُحْسِنينَ. والذِينَ إِذَا فَعَلُوا فاحِشةً “أي بارتكاب جريمة الزِّنا” أو ظَلَموا أنفسَهم “أي بارتكاب أيّة معصية أخرى عداه” ذَكَروا اللهَ فاسْتَغْفَروا لِذُنوبِهِمْ ومَنْ يَغْفِرُ الذُّنوبَ إلاّ اللهُ ولَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وهُمْ يَعلَمونَ) (آل عمران: 133 ـ 135) أي لم يصِرّوا على الاستمرار فيما ارتكبوه من معاصٍ ـ علمًا منهم بأنها معاصٍ ـ بل عادوا إلى الله مُخلِصين في طاعته واتباع سبيله وهو سبيل الخير وتجنُّب الانحرافات.. فنَصَّت هذه الآية على أن مرتكب الفاحشة، وهي الزنا، لو استغفر الله وأناب أليه مخلصًا في توبته بالعزم والتصميم على عدم الرجوع إلى مباشرة جريمته.. فإن الله يقبل منه توبته.