معْلوم أنَّ الرَّضاع في الحوْلين يُثبت حُرمة بين الطفل وبين من رَضَعَ منها، وتمتدُّ الحُرْمَة إلى من يتصل بها على قاعدة “يَحْرُمُ مِنْ الرَّضاع ما يَحْرُمُ من النَّسب” مع الخلاف في عدد الرضعات التي تُسبب التحريم، والوسيلة التي وصل بها اللَّبن إلى جَوْف الطفل.

والرضاع من المرأة الميتة، إما أن يكون بعد موتها، بأن يُؤْخَذ منها اللَّبنُ أو يرضع منها الطفل وهي مَيِّتة، وإما أن يكون اللبن قد أُخِذَ منها قبل موْتها ثم رَضَعَه الطفل بعد أن ماتت، ففي الحالة الأولى يقول جمهور الفقهاء ـ الحنفية والمالكية والحنابلة ـ وأهل الظاهر: يقع التحريم برضاع اللبن المأخوذ من المرأة الميتة؛ لأن المقصود من اللبن التغذي وقد حصل، يستوي في ذلك أن تكون المُرْضِع حَيَّةًً أو مَيِّتةً، وأما الشافعية فيرون أن هذا الرضاع لا يُثْبِت التحريم؛ لأن اللبن من جثة مُنْفَكة عن الحِل والحُرْمة كالبهيمة “الخطيب ج 2 ص 183 والمغني ج 9 ص 198”.

وفي الحالة الثانية التي حُلب فيها اللبن وهي حية ثم شربه الطفل بعد موتها، فالجميع متفقون على أنه يُثبت التحريم.