ثبت التحريم بالرَّضاع في القرآن والسنة، إذا كان في مدة الحَولَين، مع الاختلاف بين الفقهاء في عدد الرضعات التي يَثبُت بها التحريم.
واللبن إذا كان سائلاً وأُخِذ من امرأة معلومة، ورَضَعه طفل معلوم ثَبت به التحريم، أما إذا جُهلت المُرضِع أو جُهل الرَّضيع فلا يَثبت التحريم، وكذلك الشك لا يُؤثر في ذلك؛ لأن الأصل عدمه .
وعليه إذا خُلِط لبن من نساء متعددات غير متعينات، ورَضَع منه طفل: هل يَثبت به التحريم أو لا؟ لقد أنشئ في بعض البلاد ما يُسمَّى ببنك اللبن، كما أنشئ بنك الدم، وكان العلماء في حكمه فريقين:
الفريق الأول أخَذ بالاحتياط والورع وقال: لا يجوز إرضاع الأطفال منه؛ لأنه قد يَترتب عليه أن يَتزوج الولد من أخته أو من صاحبة اللبن وهو لا يَدري.
والفريق الثاني: لم يجد سببًا للمنع والحكم بالحرمة؛ لأنها لا تَثبت إلا إذا عرفت الأم التي كان منها اللبن على اليقين، وعند الجهل لا تَثبت الحرمة، وإن كان من الورع الابتعاد عنه .
هذا، وقد قال الشيخ أحمد هريدي مفتي مصر سنة 1963م بأن التغذية بهذا اللبن المجموع في “بنك اللبن” لا يَثبت بها تحريم، وجاء في ما قاله ما نصُّه: إنَّ اللبن المُجَفَّف بطريقة التبخير، والذي صار مَسحوقًا جافًّا لا يَعود سائلاً، بحيث يَتيسر للأطفال تَناولُه إلا بعد خلْطه بمقدار من الماء يكفي لإذابته، وهو مقدار يَزيد على حجم اللبن، ويُغير من أوصافه ويُعتبر غالبًا عليه، وبالتطبيق على ما ذَكَرنا من الأحكام لا يَثبت التحريم شرعًا بتناوله في هذه الحالة .