القرض من عقود التبرعات، مثله مثل الهبة والعارية والوصية، والأصل أن هذه الأمور من المعروف الذي رغَّب فيه الشارع وحبب للناس التعامل فيما بينهم به، قال تعالى: )و تَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى((المائدة:2)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : “من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة” (مسلم).وقال أيضاً: “تهادوا تحابوا ” (الموطأ).

وقد اتفق الفقهاء على جواز الرجوع في الوصية مادام الموصي حياً،وأما العارية والقرض فيجوز عند جمهور الفقهاء الرجوع فيهما بأن يطلب ما أعاره، ويطلب ذات القرض أو بدله، بعد أن يقبض المقترض في الحال عند غير المالكية.

وقال المالكية: إن العارية والقرض إذا كانا مؤجلين فيلزم إلى أن ينقضي الأجل، وإن كانا مطلقين لزم البقاء فترة يُنتفع بمثله فيها، واستندوا في ذلك إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه “ذكر رجلاً سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فدفعها إليه إلى أجل مسمى” (فتح الباري).

وقال ابن عمر وعطاء: إذا أجله في القرض جاز .

ونحن نرجِّح  ما ذهب إليه المالكية في العارية والقرض، ما لم يقبل المقترض الرد برضاه، لأن تسلم المقترض والمستعير القرض خاصة والعارية وإنما كان لأجل تحقيق مصلحة له أو دفع ضرر عنه، فقد يلتزم بناءً على هذا القرض أو العارية التزامات منظورا فيها إلى المدة فيصعب قطعها، وقد يوقع ذلك المقترض في ضرر كبير ينافيه فعل الخير الذي قام به المقرض، فعليه إن لم يترتب عليه ضرر من إرجاع القرض والعارية، أو قدر أن ضرر المقرض والمعير أكبر، فمن حسن الوفاء أن يعيد له القرض أو العارية لكن لا يلزم لما ذكرناه.

وأما بالنسبة للهبة فيجوز الرجوع فيها قبل القبض عند جمهور الفقهاء، فإذا تم القبض فلا رجوع عند الشافعية والحنابلة، إلا فيما وهب الوالد لولده، وعند الحنفية يجوز الرجوع إن كانت لأجنبي، ولا رجوع عند المالكية قبل القبض وبعده في الجملة إلا فيما يهبه الوالد لولده.