جاء في كتاب التذكرة للقرطبي :
باب لا تأكل الأرض أجساد الأنبياء و لا الشهداء و أنهم أحياء
قال الله تعالى : { بل أحياء عند ربهم يرزقون } و لذلك لا يغسلون و لا يصلى عليهم ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة في شهداء أحد و غيرهم ليس هذا موضع ذكرها
مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح و عبد الله بن عمرو الأنصاريين تم السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما و كان قبرهما مما يلى السيل و كان في قبر واحد و هما ممن استشهد يوم أحد فخفر عنهما ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس و كان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن و هو كذلك فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت و كان بين أحد و بين يوم حفر عنهما ست و أربعون سنة قال أبو عمر : هذا حديث لم يختلف عن مالك في انقطاعه و هو حديث يتصل من وجوه صحاح عن جابر
قال المؤلف رضي الله عنه : و هكذا حكم من تقدمنا من الأمم ممن قتل شهيدا في سبيل الله أو قتل على الحق كأنبيائهم و في الترمذي في قصة أصحاب الأخدود : [ أن الغلام الذي قتله الملك دفن ] قال : فيذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب و أصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل قال حديث حسن غريب و قصة الأخدود : مخرجه في صحيح مسلم و كانوا بنجران في الفترة بين عيسى و محمد صلى الله عليه و سلم و قد ذكرناها مستوفاه في [ البروج ] في كتاب الجامع لأحكام القرآن و المبين لما تضمن من السنة و آي الفرقان و روى نقلة الأخبار : أن معاوية رحمه الله لما أجرى العين التي استنبطها بالمدينة في وسط المقبرة و أمر الناس بتحويل موتاهم و ذلك في أيام خلافته و بعد الجماعة بأعوام و ذلك بعد أحد بنحو من خمسين سنة فوجدوا على حالهم حتى أن الكل رأوا المسحاة و قد أصابت قدم حمزة ابن عبد المطلب فسال منه الدم و أن جابر بن عبد الله أخرج أباه عبد الله بن حرام كأنما دفن بالأمس و هذا أشهر في الشهداء من أن يحتاج فيه إلى أكثار
و قد روى كافة أهل المدينة أن جدار قبر النبي صلى الله عليه و سلم لما انهدم أيام خلافة الوليد ابن عبد الملك بن مروان و ولاية عمر بن عبد العزيز على المدينة بدت لهم قدم فخافوا أن تكون قدم النبي فجزع الناس حتى روى لهم سعيد بن المسيب رضي الله عنه : [ أن أجساد الأنبياء لا تقيم في الأرض أكثر من أربعين يوما ثم ترفع ] و جاء سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فعرف أنها قدم جده عمر رضي الله عنه و كان رحمه الله قتل شهيدا
و خرج أبو داود و ابن ماجه في سننهما [ عن أوس بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أفصل أيامكم يوم الجمعة في خلق آدم و فيه قبض و فيه النفخة و فيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي ] قالوا : يا رسول الله و كيف تعرض صلاتنا عليك و قد أرمت ؟ يقولون بليت فقال : [ إن الله عز و جل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ] لفظ أبي داود و قال ابن العربي حديث حسن