لا مانع شرعا من الذهاب إلى أماكن الآثار ومشاهدتها للتنزه والاعتبار، رغم ما فيها من معابد وتماثيل، فمشاهدة الثماثيل الأثرية لا مانع منها، بل هي مأمور بها، والذهاب إلى أماكن السياحة في الأصل مباح كأي مكان، ومشاهدة الجمال مباح، إلا ما نهي عنه من النظر إلى النساء والعورات، ولكن بشرط أن لا يلزم من ذلك مشاهدة العراة والمتبرجات مع عدم إمكان غض البصر، والواقع يفرض نفسه على السائح إلى مثل هذه الأماكن التي اتخذت مسرحا للشياطين، فأولى بالمسلم أن يتبدل مثل هذه الأماكن (أماكن السياحة والآثار) التي لا ينجو فيها من ارتكاب السيئات بأماكن أخرى أبعد عن الفتنة والإثم، فأرض الله تعالى واسعة.
يقول الشيخ عطية صقر-رحمه الله تعالى- : السِّياحة وهي الانتقال من مكان إلى مكان آخر لمشاهَدة ما فيه من آثار أو للتنَزُّه والتمتُّع بما فيه من مناظرَ أو مظاهرَ ـ أمرٌ لا يمنعُه الدين في حدِّ ذاته، بل يأمُر به إذا كان الغرض شريفًا، فقد أمرت الآياتُ الكثيرة بالسير في الأرض للاعتبار بما حدَث للسابقين : (أفَلَمْ يَسيروا في الأرْضِ فيَنْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبةُ الذين مِنْ قَبلهم دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ ولِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) [سورة محمد : 10]. (قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ فانْظروا كَيْفَ كَانَ عاقِبةُ المُجرِمينَ) [سورة النمل : 69].
والحجّ نفسُه سياحة دينيّة وعبادة مفروضة، وشدّ الرِّحال إلى المسجد الحرام بمكة، وإلى المسجد النبوي بالمدينة، وإلى المسجد الأقصى بالشام مرغوب فيه كما جاء في الحديث الصحيح، وذلك للعِبادة وزيادة الأجر، والأمر بزيارة الإخوان والرّحلة لطلب العلم وللتجارة كلُّ ذلك سياحة مشروعة، ونُسِبَ إلى الإمام الشافعي -ورحلتُه في طلب العلم معروفةٌ- دعوتُه إلى السفر؛ لأنّ فيه خمس فوائد هي:
تَفَرُّج واكْتِسابُ مَعيشةٍ وعِلْمٌ وآدابٌ وصُحْبَة ماجِدِ
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي : السياحة في أصلها مشروعة إذا كان هدفها الأساسي مشروعًا، فمن يسيح للتعرف على بلاد معينة أو على الخلق أو يسيح للدعوة لتبليغ الرسالة الإسلامية، وبعض الناس يسيح للترويح عن النفس، وخصوصًا إذا عمل فترة طويلة، ويريد أن يرفِّه عن نفسه، والأصل أنه ذلك مشروع ما دام لم يكن هناك أمر محرم، ولكن هناك ضوابط، فكثيرًا ما تكون هناك فتن ظاهرة وباطنة يتعرض لها الإنسان، خاصة إذا كان شابًّا ويتعرض للفتن. (انتهى).