الدية المأخوذة من التأمين،تختلف باختلاف طبيعة تعامل شركات التأمين،فإن كانت شركة إسلامية جاز أخذ الدية ،وإن كان تأمينا تجاريا يحرم أخذه ،ولكنه ليس من العدل تركه للشركة ،تستفيد من الأقساط،فيمكن أخذه وتوزيعه على الفقراء ،وإن كان من الورثة فقراء أخذوا لفقرهم،كما يجوز دفع نفقات المحامي منها ،لأنه مقابل عمل .
يقول الشيخ فيصل مولوي-رحمه الله تعالى- نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء:
1- وفاة المسلم عن طريق حادث سير، يعتبر من أنواع القتل الخطأ، والذي تجب به الدّية الشرعيّة. وحكم المحكمة صحيح.
2- أمّا الحقّ المدني فهو الحقّ الناتج عن عقد التأمين بين صاحب السيارة عن سيارته، وبين شركة التأمين. هذا الحقّ يلزم الشّركة بدفع مبلغ من المال تعويضاً لورثة المتوفّى كما يحدّدهم العقد.
لذلك لا بدّ من معرفة تفاصيل هذا العقد حتّى يمكن القول: أنّه حلال أو حرام.
وباختصار فإنّ أكثر العلماء المعاصرين والمجامع الفقهيّة يعتبرون التأمين التّجاري حراماً. ولا يبيحون إلاً التأمين التّعاوني. لذلك أقول:
– إنّ المبلغ الذي تحكم به المحكمة المدنيّة بناءً على عقد التأمين، يأخذ حكمه الشّرعي من هذا العقد، ومن طبيعة شركة التأمين. فإذا كانت من شركات التأمين الإسلامي أو التّعاوني فالمبلغ حلال إن شاء الله ، أمّا إذا كانت من شركات التأمين التّجاري، فالعقد حرام والتّعويض المأخوذ بناءً على هذا العقد حرام أيضاً حسب رأي جمهور الفقهاء المعاصرين وهو الرأي الذي نفتي به.
– لكن في هذه الحالة نرى وجوب أخذ التّعويض المحكوم به، وعدم تركه إلى شركة التأمين وإلاّ تكون قد استفادت من أقساط التأمين ولم تدفع التّعويض، وهذا مناف للعدالة. فلا يجوز ترك التّعويض لها، ولا يحلّ لمن أخذه أن يأكله كما يقول ابن القيّم، وإنّما يصرفه للفقراء.
– وبالتّالي يجوز إعطاء الأقارب من الفقراء – بل هم أولى من غيرهم – من هذا المال بقصد التخلّص منه، ويجوز صرف بعضه لبعض الورثة إذا كانوا فقراء. فإذا أخذوا منه بصفة الفقر فهو حلال إن شاء الله. أمّا إذا أخذوه بناءً على العقد فهو حرام. كما يجوز إعطاء المحامي أتعابه من هذا المبلغ، لأنّه يأخذها مقابل عمل، وليس بناءً على العقد الحرام.
وخلاصة القول : إنّ مال التّعويض بحدّ ذاته ليس من الحرام المطلق، بل الحرمة تتعلّق بطريقة اكتسابه، فمن اكتسبه بناءً على العقد المحرّم فهو حرام عنده، ومن اكتسبه بصفة الفقر فهو حلال عنده، ومن اكتسبه أجرةً على عمل مباح فهو حلال عنده إن شاء الله.