المرأة إذا بذلت مالاً لزوجها لتملك عصمتها، فحصلت الفرقة وجرت بلفظ الخلع أو ما يدل عليه، فجمهور الفقهاء خلافا للحنابلة قالوا: إن الخلع طلاق بائن، وذهب الحنابلة إلى أنه فسخ، والمعتدة تعتد بحيضة واحدة، وإذا بانت المرأة من زوجها، فإن طلاقه لها لا يفيد شيئاً، لأنها ليست زوجة له، وأحكام الطلاق إنما تلحق الزوجة.
وذهب الحنفية في رواية إلى أن طلاق المختلعة الصريح يقع، جاء في المبسوط من كتب الحنفية:
ولو قال لها بعد الخلع: اعتدي، ونوى به الطلاق وقع عليها تطليقة أخرى، وعن أبي يوسف – رحمه الله تعالى – أنه لا يقع عليها شيء بهذا؛ لأن هذا اللفظ لا يعمل بنفسه بل بنية الطلاق فيكون بمنزلة قوله بائن.أهـ
وعقد الشافعي في كتاب الأم فصلا بعنوان:الخلاف في طلاق المختلعة، انتهى فيه إلى أن حكم الله أنه إنما تطلق الزوجة لأنَّ الله تبارك وتعالى قال : { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن }.
وجاء في المغني لابن قدامة:
“لا يقع بالمعتدة من الخلع طلاق، ولو واجهها به، وجملة ذلك أن المختلعة لا يلحقها طلاق بحال. وبه قال ابن عباس وابن الزبير وعكرمة، وجابر بن زيد، والحسن، والشعبي ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وحكي عن أبي حنيفة أنه يلحقها الطلاق الصريح المعين، دون الكناية والطلاق المرسل، وهو أن يقول : كل امرأة لي طالق. وروي نحو ذلك عن سعيد بن المسيب، وشريح، وطاوس، والنخعي والزهري والحكم وحماد، والثوري ; لما روي عن النبي ﷺ أنه قال : { المختلعة يلحقها الطلاق، ما دامت في العدة }
ولنا، أنه قول ابن عباس وابن الزبير، ولا نعرف لهما مخالفا في عصرهما. ولأنها لا تحل له إلا بنكاح جديد، فلم يلحقها طلاقه، كالمطلقة قبل الدخول، أو المنقضية عدتها، ولأنه لا يملك بضعها، فلم يلحقها طلاقه، كالأجنبية، ولأنها لا يقع بها الطلاق المرسل، ولا تطلق بالكناية، فلا يلحقها الصريح المعين، كما قبل الدخول. ولا فرق بين أن يواجهها به، فيقول : أنت طالق. أو لا يواجهها به، مثل أن يقول : فلانة طالق. وحديثهم لا نعرف له أصلا، ولا ذكره أصحاب السنن.