إن خشية المؤمن من عاقبة ذنوبه أمر مستحسن ، فهذا من علامات الإيمان، وهي خطوة جيدة لإعادة الحسابات، وعليه أن يحاسب نفسه عن كل ما بدر منها ، وكما قيل: الفاجر يمضي قدمًا لا يعاتب نفسه، والمؤمن يعاتب نفسه ، ماذا أردت بأكلتي ، ماذا أردت بشربتي ؟ ماذا أردت بنومتي؟

ومحاسبة النفس على ما قدمت منهج إسلامي قويم، وهو خطوة للعلاج، يقول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أخف عليكم في الحساب غداً، وتزينوا للعرض الأكبر {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية} (أخرجه ابن أبي الدنيا].

وجاء في كتاب الاستقامة للدكتور محمد زكي محمد خضر الأستاذ بالجامعة الأردنية :

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:

ـ” إن المُؤمنَ يَرى ذَنبَهُ كأنَّهُ في أصل جَبَل يَخافُ أن يَقَعَ عَليه وإنّ الفاجرَ يَرى ذُنوبَهُ كَذُباب وَقَعَ عَلى أنفه فقال لَهُ هكذا ” رواه الترمذي وأحمد.

قال الله تعالى : ” فَلا تُزَكّوا أنفُسَكُم هُوَ أعلَمُ بمَن اتَّقى ”، فالمؤمن لا ينظر إلى نفسه إلاّ بعين اللوم والمحاسبة ،ولا ينظر إليها بعين الفخر والتزكية والعجب . وهكذا فهو بذلك يرقى في مراتب القرب من الله غير ملتفت إلى ما حصل عليه من ثواب آملاً المزيد ، بل يخاف من الذنوب والخطايا مهما كانت صغيرة، فرب مهلكة صغيرة أحبطت أعمال خير كثيرة ، ولسان حاله يقول : لا تنظر إلى صغر ذنبك ولكن انظر لمن عصيت!! وإن أكبر عقبة في اكتساب درجات القرب من الله تعالى هو التهاون في المعاصي.

فالمؤمن يخاف ذنوبه مهما كانت صغيرة و يراقب نفسه ، ويستغفر الله مما ألمّ به من ذنوب على الدوام ، فرب صغائر اجتمعت على صاحبها فأهلكته ، لذلك فالمؤمن يخشى الله ويَتَّقْهِ ويرجو رحمته وثوابه ولا يتَّكِلَ إلى عمله مهما قدم من أعمال صالحة ، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ” لايَدخُلُ أحد الجنَّةَ بعَمَله ” ، قيل ولا أنت يارسول الله!! قال: ” ولا أنا إلاّ أن يتَغَمَّدَني اللّهُ برَحمَته “.

وهذا الأسلوب وسيلة لتزكية النفس وتطهيرها مما يلمّ بها من ذنوب ومعاصي مهما كانت صغيرة . وفي مقابل ذلك إن رأى ذنبًا من غيره ستره ،والتمس لصاحبه العذر فذلك دأب الصالحين دومًا.انتهى

والخلاصة على المسلم أن يكثرمن الطاعات ، فإنه كما قال تعالى :”إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين”، وأن يحاول جاهدا ترك المعاصي ،أما عن قبول الأعمال فهذا أمر يرجع لله تعالى وحده، وأن يطمع في رحمة الله تعالى، فيجمع بين الخوف والرجاء، الخوف من عذاب الله ، والطمع في رحمة الله.